﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيَاً﴾

8541 - ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيَاً﴾

08-12-2017 3820 مشاهدة
 السؤال :
ما هو تفسير قول الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيَاً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولَاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8541
 2017-12-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ تَكْلِيمَ اللهِ تعالى لِأَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ، فَقَالَ: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْيَاً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولَاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾.

فَالوَحْيُ مِنَ اللهِ تعالى لِرُسُلِهِ لَهُ أَشْكَالٌ مُتَعَدِّدَةٌ، مِنْهَا الوَحْيُ الذي قَدْ يَكُونُ يَقَظَةً أَو مَنَامَاً، وَمِنْهَا التَّكْلِيمُ مُبَاشَرَةً مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَمِنْهَا عَنْ طَرِيقِ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

هَذَا هُوَ التَّكْلِيمُ بِشَكْلٍ عَامٍّ، وَلَيْسَ هُوَ التَّكْلِيمُ الخَاصُّ الذي خَصَّ بِهِ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ بَعْضَ رُسُلِهِ، قَالَ تعالى: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ﴾. وَهَذَا تَكْلِيمٌ خَاصٌّ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَتَهُ إِلَّا اللهُ تعالى، ثُمَّ الرَّسُولُ الذي خُصَّ بِهَذَا التَّكْلِيمِ الخَاصِّ.

وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ أَوْحَى اللهُ تعالى إِلَيْهِ يَقَظَةً وَمَنَامَاً، وَكَلَّمَهُ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ تَكْلِيمَاً خَاصَّاً، وَنَزَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَحَصَلَ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.

وبناء على ذلك:

فَتَكْلِيمُ اللهِ تعالى للأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ إِمَّا عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ يَقَظَةً أَو مَنامَاً، وَإِمَّا عَنْ طَرِيقِ التَّكْلِيمِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَإِمَّا عَنْ طَرِيقِ سَيِّدِنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

أَمَّا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ كَلَّمَهُ اللهُ تعالى عَنْ طَرِيقِ الوَحْيِ، وَكَلَّمَهُ التَّكْلِيمَ العَامَّ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سَيِّدَنَا جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَادَهُ تَبَارَكَ وتعالى بِأَنْ كَلَّمَهُ تَكْلِيمَاً خَاصَّاً لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ وَالمِعْرَاجِ، عِنْدَمَا رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنَ العُلَمَاءِ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ مَا أَوْحَى.

وَلَا غَرَابَةَ في أَنْ يكَلِّمَهُ اللهُ تعالى كِفَاحَاً؛ فَإِذَا كَانَ اللهُ تعالى كَلَّمَ عَبْدَ اللهِ بْنَ حَرَامٍ كِفَاحَاً، فَلَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَابِ أَوْلَى.

روى الترمذي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ، مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرَاً»؟

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتُشْهِدَ أَبِي، وَتَرَكَ عِيَالَاً وَدَيْنَاً.

قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللهُ بِهِ أَبَاكَ»؟

قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «مَا كَلَّمَ اللهُ أَحَدَاً قَطُّ إِلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحَاً؛ فَقَالَ: يَا عَبْدِي، تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ.

قَالَ: يَا رَبِّ، تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً.

قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ».

قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتَاً﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3820 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 897
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 408
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 539
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 357
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 535
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 2029
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5677
المقالات 3209
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422574792
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :