الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ الفُقَهَاءُ إلى أَنَّ المُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ إِذَا مَاتَتْ، أًو مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ في العِدَّةِ وَرِثَ أَحَدُهُمَا الآخَرَ لِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ مَا دَامِتِ العِدَّةُ قَائِمَةً.
وَقَالُوا: إِنَّ المُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ في حَالَةِ صِحَّةِ الزَّوْجِ، بِرِضَاهَا أَو بِغَيْرِ رِضَاهَا، لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ طَلَاقَاً بَائِنَاً بِرِضَاهُ وَاخْتِيَارِهِ، وَمَاتَتِ الزَّوْجَةُ وَهِيَ في عِدَّتِهَا فَلَا يَرِثُ مِنْهَا.
لِأَنَّ الفُقَهَاءَ اشْتَرَطُوا للمِيرَاثِ بِالزَّوْجِيَّةِ شَرْطَانِ:
1ـ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجِيَّةُ صَحِيحَةً، فَإِذَا كَانَ العَقْدُ فَاسِدَاً فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا.
2ـ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجِيَّةُ قَائِمَةً وَقْتَ الوَفَاةِ حَقِيقَةً أَو حُكْمَاً، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُطَلَّقَةً طَلَاقَاً رَجْعِيَّاً وَهِيَ في العِدَّةِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنَاً فَإِنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا، وَلَو كَانَتِ الوَفَاةُ في حَالِ العِدَّةِ، إِلَّا إِذَا كَانَ مَنْ تَوَلَّى سَبَبَ الفُرْقَةِ قَدِ اعْتُبِرَ فَارَّاً مِنَ المِيرَاثِ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَرِيضَاً مَرَضَ المَوْتِ، كَأَنْ يُطَلِّقَ الرَّجُلُ المَرِيضُ مَرَضَ المَوْتِ زَوْجَتَهُ قَاصِدَاً حِرْمَانِهَا مِنَ المِيرَاثِ، وَكَذَلِكَ المَرْأَةُ التي تَطْلُبُ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ مَرَضَ المَوْتِ قَاصِدَةً حِرْمَانِهُ مِنَ المِيرَاثِ. هذا، والله تعالى أعلم.