سوء المعاملة مع الأبناء

8572 - سوء المعاملة مع الأبناء

20-12-2017 7518 مشاهدة
 السؤال :
رجل مقيم خارج القطر، وهو في حالة ضيق وكرب شديد، مما أدى إلى سوء تعامله مع أبنائه، فبماذا تنصح هذا الأخ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8572
 2017-12-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَنْصَحُ هَذَا الرَّجُلَ بِالعَوْدَةِ إلى بَلَدِهِ، فَإِنَّ بِلَادَ الشَّامِ بِلَادٌ مُبَارَكَةٌ، بِدَعْوَةِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ إِقَامَتُهُ في بَلَدٍ غَيْرِ إِسْلَامِيٍّ، حَيْثُ الفِسْقُ وَالفُجُورُ، جِهَارَاً نَهَارَاً، يَنَامَ النَّاسُ وَيَسْتَيْقِظُونَ عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى أَلِفُوا الفِسْقَ وَالفُجُورَ، وَتَجَاوَزُوا حُدُودَ اللهِ تعالى، وَحَتَّى صَارَ المَعْرُوفُ مُنْكَرَاً، وَالمُنْكَرُ مَعْرُوفَاً.

ثانياً: إِنَّ الضِّيقَ وَالكَرْبَ إِذَا اعْتَرَى الإِنْسَانَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَن يُرَاجِعَ الحِسَابَاتِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾.

فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ الحِسَابَاتِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تعالى، مِنَ الاجْتِرَاءِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، وَتَرْكِ أَوَامِرِ اللهِ تعالى الظَّاهِرَةِ وَالبَاطِنَةِ.

ثالثاً: إِنَّ سُوءَ التَّعَامُلِ مَعَ الأَبْنَاءِ سَبَبٌ مِنْ أَسْبَابِ نُفُورِ الأَبْنَاءِ مِنَ الأَبِ، وَخَاصَّةً في تِلْكَ البِلَادِ غَيْرِ المُسْلِمَةِ، وَإِذَا حَصَلَ النُّفُورُ مِنَ الأَبِ المُرَبِّي مَعَ سُوءِ المُجْتَمَعِ هُنَاكَ، فَإِنَّ الوَالِدَ سَوْفَ يَخْسَرُ أَوْلَادَهُ الذينَ هُمْ قُرَّةُ عَيْنِ الرَّجُلِ المُؤْمِنِ، الذي يُكْثِرُ مِنَ الدُّعَاءِ: ﴿رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامَاً﴾.

يَجِبُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ مَهْمَا ضَاقَتْ بِهِ الأَحْوَالُ، وَكَثُرَ عِنْدَهُ التَّرَدُّدُ وَالاضْطِرَابُ، أَنْ يَهْتَمَّ بِحُسْنِ التَّعَامُلِ مَعَ أَوْلَادِهِ، وَإِلَّا فَهَمُّهُ وَكَرْبُهُ سَوْفَ يَزْدَادُ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى.

وبناء على ذلك:

فَمِنْ حَقِّ الأَبْنَاءِ عَلَى أَبِيهِمْ حُسْنُ التَّعَامُلِ، وَحُسْنُ التَّنَاصُحِ، لَعَلَّهُ أَنْ يَفُوزَ بِأَثَرِ هَذَا التَّعَامُلِ مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، وَعِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، وَوَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَمِنْ حُسْنِ التَّعَامُلِ وَسَاعَةُ الصَّدْرِ، وَحُسْنُ الكَلَامِ، وَلْيَذْكُرْ  قَوْلَهُ تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنَاً﴾. فَإِذَا كَانَ هَذَا في حَقِّ النَّاسِ عَامَّةً، فَفِي حَقِّ أَوْلَادِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى.

وَأَنْصَحُ هَذَا الأَخَ الكَرِيمَ بِالإِكْثَارِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالاسْتِغْفَارِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِكَثْرَةِ السُّجُودِ، وَبِالتَّحَقُّقِ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تعالى، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7518 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 343
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 593
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 235
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 252
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 243
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 305
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3235
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424676267
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :