توفيق بين الآية﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وحديث

8669 - توفيق بين الآية﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ وحديث

05-02-2018 1118 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾. ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ مَنْ لَا كافٍ له» فهل هناك تعارض؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8669
 2018-02-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾؟ عَبَّرَ اللهُ تعالى بِلَفْظِ الاسْتِفْهَامِ مُبَالَغَةً في الإِثْبَاتِ، وَالمُرَادُ تَقْرِيرُ ذَلِكَ في النُّفُوسِ، وَالإِشَارَةُ إلى كِفَايَتِهِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَأَظْهَرِهِ، بِحَيْثُ لَا يُنْكِرُ أَحَدٌ.

وَالمُرَادُ بِعَبْدِهِ هُنَا هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَاللهُ تعالى كَافٍ عَبْدَهُ اليَوْمَ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ، وَخَاصَّةً في مَعْرِفَةِ اللهِ تعالى، حَيْثُ حَبَّبَ إِلَيْهِ الإِيمَانَ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِ الكُفْرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصْيَانَ.

فَهُوَ كَافٍ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَلِمَنْ سَارَ عَلَى دَربِهِ وَنَهْجِهِ في جَمِيعِ شُؤُونِهِ، لِأَنَّ مَنْ تَحَقَّقَ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ تعالى كَفَاهُ اللهُ تعالى مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ.

أَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَمْ مَنْ لَا كَافٍ لَهُ». فَقَدْ وَرَدَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: «الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا، وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ».

فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَشْكُرُ اللهَ تعالى وَيَحْمَدُهُ عَلَى نِعْمَةِ المَاءِ الذي يُنْبِتُ بِهِ مَوْلَانَا مِنَ الأَرْضِ مَا يَحْتَاجُهُ العَبْدُ، وَعَلَى نِعْمَةِ الكِفَايَةِ مِنْ شَرِّ الأَشْرَارِ، وَكَيْدِ الفُجَّارِ، وَعَلَى نِعْمَةِ المَأْوَى الذي يَأْوِي إِلَيْهِ الإِنْسَانُ، وَيَسْكُنُ بِهِ مِنَ الحَرِّ وَمِنَ البَرْدِ؛ وَكَمْ مِنَ النَّاسِ مَنْ حُرِمُوا هَذِهِ النِّعْمَةَ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ حِرَمَانَاً لِمَا اقْتَرَفَتْ أَيْدِيهِمْ، وَإِمَّا اخْتِبَارَاً وَابْتِلَاءً.

وبناء على ذلك:

فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الآيَةِ وَالحَدِيثِ، فَاللهُ تعالى كَافٍ كُلَّ عَبْدٍ تَحَقَّقَ بِالعُبُودِيَّةِ، وَأَحْيَانَاً يَبْتَلِي اللهُ العَبْدَ بِحِرْمَانِهِ مِنَ النِّعَمِ اخْتِبَارَاً وَابْتِلَاءً، أَو عُقُوبَةً كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1118 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1180
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 221
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 582
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2827
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1247
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7496
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413046576
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :