﴿رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾

8767 - ﴿رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾

24-03-2018 4447 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8767
 2018-03-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعَاً يَا مَـعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾.

يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ في تَفْسِيرِهِ: يَقُولُ تعالى: وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّدُ فِيمَا تَقُصُّهُ عَلَيْهِمْ وَتُذَكِّرُهُمْ بِهِ ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعَاً﴾ يَعْنِي: الجِنَّ وَأَوْلِيَاءَهُمْ ﴿مِنَ الإِنْسِ﴾ الذينَ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ في الدُّنْيَا، وَيَعُوذُونَ بِهِمْ وَيُطِيعُونَهُمْ، وَيُوحِي بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُورَاً: ﴿يَا مَـعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ﴾ أَيْ: ثُمَّ يَقُولُ: يَا مَـعْشَرَ الجِنِّ. وَسِيَاقُ الكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى المَحْذُوفِ.

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ﴾ أَيْ: مِنْ إِضْلَالِهِمْ وَإِغْوَائِهِمْ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلَّاً كَثِيرَاً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿يَا مَـعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ﴾ يَعْنِي: أَضْلَلْتُمْ مِنْهُمْ كَثِيرَاً. وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالحَسَنُ، وَقَتَادَةُ.

﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾ يَعْنِي: أَنَّ أَوْلِيَاءَ الجِنِّ مِنَ الإِنْسِ قَالُوا مُجِيبِينَ للهِ تعالى عَنْ ذَلِكَ بِهَذَا. اهـ.

وَقَوْلُهُ تعالى: ﴿رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ﴾: أَيْ: انْتَفَعَ الإِنْسُ بِتَزْيِينِ الشَّهَوَاتِ لَهُمْ، وَانْتَفَعَ الجِنُّ بِطَاعَةِ الإِنْسِ لَهُمْ.

وبناء على ذلك:

فَالآيَةُ تَتَحَدَّثُ عَنْ يَوْمِ المَحْشَرِ، عِنْدَمَا يَجْمَعُ اللهُ تعالى الجِنَّ وَالإِنْسَ جَمِيعَاً، فَيَقُولُ: يَا جَمَاعَةَ الجِنِّ، قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ إِغْوَاءِ الإِنْسِ وَإِضْلَالِهِمْ، فَيُجِيبُ الإِنْسُ الذينَ أَطَاعُوا الجِنَّ وَاسْتَمَعُوا إلى وَسْوَسَتِهِمْ وَتَوَلَّوْهُمْ: رَبَّنَا انْتَفَعَ كُلٌّ مِنَّا بِالآخَرِ، انْتَفَعَ الإِنْسُ بِالشَّيَاطِينِ حَيْثُ دَلُّوهُمْ عَلَى الشَّهَوَاتِ وَعَلَى أَسْبَابِ التَّوَصُّلِ إِلَيْهَا، وَانْتَفَعَ الجِنُّ بِالإِنْسِ حَيْثُ أَطَاعُوهُمْ وَسَاعَدُوهُمْ عَلَى مُرَادِهِمْ، وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الذي أَجَّلْتَ لَنَا، أَيْ المَوْتَ أَو يَوْمَ البَعْثِ وَالجَزَاءِ، اعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا، فَاحْكُمْ فِينَا بِمَا تَشَاءُ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ، وَلَقَدْ أَظْهَرْنَا الحَسْرَةَ وَالنَّدَامَةَ عَلَى مَا فَرَّطْنَا في الدُّنْيَا.

فَأَجَابَهُمُ اللهُ الحقُّ تعالى بِقَوْلِهِ: النَّارُ مَأْوَاكُمْ وَمَنْزِلُكُمْ أَنْتُمْ وَإِيَّاهُم وَأَعْوَانُكُمْ، وَأَنْتُمْ مَاكِثُونَ فِيهَا مُخَلَّدُونَ عَلَى الدَّوَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4447 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 808
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 358
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 464
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 319
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 494
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1975
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5670
المقالات 3204
المكتبة الصوتية 4879
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 421849534
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :