الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالحَدِيثُ رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا، وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا.
وَالسِّرُّ في التَّكْبِيرِ أَثْنَاءَ الصُّعُودِ لِأَنَّ الصُّعُودَ إلى المَكَانِ المُرْتَفِعِ قَدْ يَكُونُ فِيهِ اسْتِعْلَاءٌ وَارْتِفَاعٌ وَهُوَ مَحْبُوبٌ للنُّفُوسِ، وَفِيهِ اسْتِشْعَارُ الكِبْرِيَاءِ، فَشُرِعَ لِمَنْ تَلَبَّسَ بِهِ أَنْ يَذْكُرَ الكَبِيرَ المُتَعَالِ، وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَيُكَبِّرُهُ لِيَشْكُرَ لَهُ ذَلِكَ، فَيَزِيدَهُ مِنْ فَضْلِهِ.
وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ التَّسْبِيحِ عِنْدَ الهُبُوطِ، فَلِكَوْنِ المَكَانِ المُنْخَفِضِ مَحَلَّ ضِيقٍ، فَـيُشْرَعُ فِيهِ التَّسْبِيحُ، لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الفَرَجِ، كَمَا في قِصَّةِ سَيِّدِنَا يُونُسَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
وبناء على ذلك:
فَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ إِذَا صَعَدَ الإِنْسَانُ مَكَانَاً عَالِيَاً لاسْتِشْعَارِ كِبْرِيَاءِ اللهِ تعالى، وَتَرْوِيضَاً للنَّفْسِ حَتَّى لَا تَشْعُرَ بِالاسْتِكْبَارِ، وَتَعْلَمَ أَنَّ اللهَ تعالى أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وَيُسَنُّ التَّسْبِيحُ إِذَا نَزَلَ العَبْدُ مَكَانَاً مُنْخَفِضَاً، لِأَنَّ المَكَانَ المُنْخَفِضَ مَحَلُّ ضِيقٍ، وَالتَّسْبِيحُ سَبَبٌ لِتَفْرِيجِ كُلِّ كَرْبٍ وَضِيقٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |