علامات قبول العمل

8984 - علامات قبول العمل

27-06-2018 4519 مشاهدة
 السؤال :
ما هي علامات قبول العمل عند الله تعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8984
 2018-06-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: العَمَلُ حَتَّى يَكُونَ مَقْبُولَاً عِنْدَ اللهِ تعالى لَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ عَنْ مُؤْمِنٍ بِاللهِ تعالى، وَبِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَبِاليَوْمِ الآخِرِ.

وَالمُؤْمِنُ الحَقُّ هُوَ مَنْ كَمُلَ حُبُّهُ للهِ تعالى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبَّاً للهِ﴾.

هُوَ مَنْ كَمُلَتْ خَشْيَتُهُ للهِ تعالى، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾.

هُوَ مَنْ يُسَارِعُ في الخَيْرَاتِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبَاً وَرَهَبَاً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ﴾.

فَالعَمَلُ حَتَّى يَكُونَ مَقْبُولَاً عِنْدَ اللهِ تعالى، لَا بُدَّ مِنَ الإِيمَانِ بِاللهِ وَرَسُولِهِ أَوَّلَاً، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ في حَقِّ غَيْرِ المُؤْمِنِينَ الذينَ عَمِلُوا عَمَلَاً صَالِحَاً: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورَاً﴾.

وَلِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلَا بُدَّ مِنَ الإِيمَانِ بِاليَوْمِ الآخِرِ، جَاءَ في صَحِيحِ الإمام مسلم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنُ جُدْعَانَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، وَيُطْعِمُ الْمِسْكِينَ، فَهَلْ ذَاكَ نَافِعُهُ؟

قَالَ: «لَا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمَاً: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ».

ثانياً: العَمَلُ الصَّالِحُ حَتَّى يَكُونَ مَقْبُولَاً عِنْدَ اللهِ تعالى، لَا بُدَّ مِنَ الإِخْلَاصِ فِيهِ للهِ تعالى، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلَاً صَالِحَاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً﴾.

وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهِ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الـشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلَاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: العَمَلُ الصَّالِحُ حَتَّى يَكُونَ مَقْبُولَاً عِنْدَ اللهِ تعالى، لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقَاً لِمَا جَاءَ بِهِ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، مُوَافِقَاً للكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَالعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ مَا جَعَلَهُ الشَّرْعُ صَالِحَاً، لَا حَسْبَ مَا يَرَاهُ العَبْدُ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: « «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.

وبناء على ذلك:

فَعَلَامَاتُ قَبُولِ العَمَلِ عِنْدَ اللهِ تعالى أَنْ يَصْدُرَ العَمَلُ مِنَ المُؤْمِنِ بِاللهِ تعالى، وَرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَأَنْ يَكُونَ مُوَافِقَاً للكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَنْ يَكُونَ خَالِصَاً لِوَجْهِ اللهِ تعالى.

وَقَدْ جَعَلَ اللهُ تعالى للعِبَادَاتِ أَثَرَاً، فَمَنْ وَجَدَ أَثَرَهَا فَلْيَسْتَبْشِرْ بِقَبُولِ العَمَلِ؛ مِنْ هَذِهِ العَلَامَاتِ تَرْكُ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ﴾.

مِنْ عَلَامَاتِهَا طُمَأْنِينَةُ القَلْبِ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.

مِنْ عَلَامَاتِهَا زِيَادَةُ الإِيمَانِ عِنْدَ تِلَاوَةِ القُرْآنِ ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانَاً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾.

وَمِنْ عَلَامَاتِهَا الاستْقِامَةُ عَلَى الطَّاعَاتِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ﴾.

وَمِنْ عَلَامَاتِهَا أَنْ يَرَى العَبْدُ نَفْسَهُ مُسَدَّدَاً بِجَوَارِحِهِ، لِقَوْلِهِ تعالى في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا بِذَلِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4519 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1378
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 280
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 660
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 2935
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1309
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7647
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3162
المكتبة الصوتية 4798
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414530552
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :