الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَيُشْتَرَطُ في الأَذَانِ للصَّلَاةِ دُخُولُ الوَقْتِ وَقْتِ الصَّلَاةِ المَفْرُوضَةِ، فَلَا يَصِحُّ الأَذَانُ قَبْلَ دُخُولِ الوَقْتِ، وَمَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ الأَذَانِ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ إِذَا كَانَ في مَسْجِدٍ.
لِأَنَّ تَأْخِيرَ الأَذَانِ في المَسَاجِدِ يُحْدِثُ تَلْبِيسَاً عَلَى مَنْ يَسْمَعُهُ، فَيَظُنُّ بَقَاءَ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّابِقَةِ.
وَقَدْ يُصَلِّي بَعْدَ خُرُوجِ الوَقْتِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ في وَقْتِهَا.
وَقَدْ يَلْتَبِسُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ، صِيَامَ نَافِلَةٍ أَو قَضَاءٍ بِأَنَّ الوَقْتَ مَا دَخَلَ، فَيَأْكُلُ وَيَـشْرَبُ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ.
وَقَدْ يُوقِعُ مَنْ أَرَادَ صَلَاةَ الفَجْرِ في أَوَّلِ وَقْتِهَا في حَرَجٍ، حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّ وَقْتَ الفَجْرَ مَا دَخَلَ، وَالحَقِيقَةُ أَنَّهُ دَخَلَ.
وبناء على ذلك:
فَلَا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ أَذَانِ الفَجْرِ عَنْ وَقْتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ، وَخَاصَّةً إِذَا اتَّفَقَ جَمِيعُ المُؤَذِّنِينَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ في ذَلِكَ تَلْبِيسٌ عَلَى الأُمَّةِ، بِأَنَّ وَقْتَ العِشَاءِ مَا خَرَجَ، وَأَنَّ وَقْتَ الفَجْرِ مَا دَخَلَ، وَهَذَا مِنَ العَبَثِ في أَحْكَامِ الأَذَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ.
وَفِيهِ تَدْلِيسٌ وَغِشٌّ لِمَنْ أَرَادَ الصِّيَامَ بِأَنَّ وَقْتَ الفَجْرِ مَا دَخَلَ، وَالحَقِيقَةُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ، فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ بَعْدَ دُخُولِ الوَقْتِ، وَيَصُومُ وَهُوَ في الحَقِيقَةِ غَيْرُ صَائِمٍ.
وَخِتَامَاً: إِذَا أَرَادَ وَلَدُكَ الصَّلَاةَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الفَجْرِ الحَقِيقِيِّ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَلَو لَمْ يُؤَذِّنِ المُؤَذِّنُونَ الذينَ تَعَمَّدُوا تَأْخِيرَ الأَذَانِ. هذا، والله تعالى أعلم.