حق الأم وحق الزوج

9173 - حق الأم وحق الزوج

27-09-2018 10946 مشاهدة
 السؤال :
أنا امرأة متزوجة، وواقعة في حيرة من أمري بين أمي وزوجي، أمي تريد مني كثرة الزيارة لها، وزوجي لا يحب هذا، وهو صاحب خلق حسن، وأمي تغضب إن لم أستجب لها، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9173
 2018-09-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: حَقُّ الأُمِّ عَلَى الأَوْلَادِ حَقٌّ عَظِيمٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنْكَرُ في الشَّرْعِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الـشَّرْعُ عَلَى الأَبْنَاءِ البِرَّ بِالآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، وَحَرَّمَ عُقُوقَهُمَا، وَجَعَلَهُمَا أَوْلَى النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

قَالَ: «أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

وروى ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟».

..................... ـ ثُمَّ قَالَ: ـ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».

ثانياً: حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ حَقٌّ عَظِيمٌ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» رواه الترمذي وابن ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرَاً أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، لَمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ» رواه الحاكم عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالأُمُّ لَهَا مَنْزِلَةٌ كَبِيرَةٌ جِدَّاً، وَلَهَا حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَلَكِنْ لَا تَفُوقُ هَذِهِ الحُقُوقُ حَقَّ الزَّوْجِ، فَالزَّوْجُ حَقُّهُ أَعْظَمُ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الأُمِّ، وَطَاعَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَاعَةِ الأُمِّ.

وَالزَّوْجَةُ العَاقِلَةُ تُحَاوِلُ إِرْضَاءَ زَوْجِهَا بِمَا يَرْغَبُ بِهِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ الـشَّرْعَ، وَتَسْعَى جَاهِدَةً إلى بِرِّ أُمِّهَا بِمَا لَا يُخَالِفُ أَمْرَ زَوْجِهَا، فَإِنْ عَجِزَتْ قَدَّمَتْ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى حَقِّ الأُمِّ.

كَمَا يَجِبُ عَلَى الأُمِّ أَنْ تَكُونَ عَوْنَاً لِابْنَتِهَا عَلَى بِرِّ زَوْجِهَا، لِأَنَّ بِرَّهَا بِزَوْجِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلِأَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ.

وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ عَوْنَاً لِزَوْجَتِهِ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلُ وَلَا أَكْمَلُ مِنَ الْتِزَامِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ وَلِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَنْ يَلْتَزِمَ الجَمِيعُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.

وَسَامَحَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّ، لِمَاذَا تُرِيدُ أَنْ تُنَغِّصَ حَيَاةَ ابْنَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا؟

وَهَلْ كَثْرَةُ خُرُوجِ المَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا فِيهِ خَيْرٌ؟ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10946 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 327
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 580
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 229
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 241
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 240
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 295
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5701
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424571833
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :