لا تكن سبباً للطعن في الدين

9115 - لا تكن سبباً للطعن في الدين

29-08-2018 2018 مشاهدة
 السؤال :
هناك بعض الرجال أصحاب لحى، وظاهرهم الصلاح، ولكنهم يسيئون التعامل مع الآخرين، مما يؤدي ذلك للطعن في أهل التقوى والصلاح، وللطعن في الدين، فما هي نصيحتك لهذه الفئة من الرجال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9115
 2018-08-29

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى محمد بن نصر المروزي عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَرْثَدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ عَلَى ثَغْرَةٍ مِنْ ثُغَرِ الْإِسْلَامِ، اللهَ اللهَ لَا يُؤْتَى الْإِسْلَامُ مِنْ قِبَلِكَ».

فَمَا مِنْ مُسْلِمٍ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى ثَغْرٍ مِنْ ثُغَرِ الإِسْلَامِ، فَالحَذَرَ كُلَّ الحَذَرِ مِنْ أَنْ يُطْعَنَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِ سُلُوكٍ وَتَصَرُّفٍ لَا يُرْضِي اللهَ تعالى، وَيَكُونَ سَبَبَاً للطَّعْنِ وَالتَّشْكِيكِ في الدِّينِ وَفِي أَهْلِهِ.

وَكُلُّ مَنْ كَانَ سَبَبَاً للاسْتِهْزَاءِ في الدِّينِ أَو الطَّعْنِ فِيهِ، أَو الطَّعْنِ في عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، يَكُونُ مُتَحَمِّلَاً الإِثْمَ الأَكْبَرَ فِيهِ.

فَالوَاجِبُ عَلَى المُسْلِمِ، وَخَاصَّةً مَنْ كَانَ ظَاهِرُهُ الصَّلَاحَ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلَاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحَاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ﴾؟

الدَّعْوَةُ إلى اللهِ تعالى رِسَالَةٌ عَظِيمَةٌ وَمُهِمَّةٌ جَلِيلَةٌ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بِالطَّرِيقِ الذي شَرَعَهُ اللهُ تعالى لَنَا بِقَوْلِهِ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ﴾.

وَمَنْ كَانَ مَظْهَرُهُ مَظْهَرَ صَلَاحٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الاقْتِدَاءُ بِسَيِّدِ الرُّسُلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾.

فَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الصِّدْقُ في الأَقْوَالِ وَالأَفْعَالِ وَالأَحْوَالِ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الأَمَانَةُ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا حُبُّ الخَيْرِ للآخَرِينَ، وَمَا عُرِفَ عَنْهُ إِلَّا الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، فَمَا كَانَ يُقَابِلُ أَحَدَاً بِمَا يَكْرَهُ.

لَمْ يَكُنْ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَحَّاشَاً وَلَا سَبَّابَاً وَلَا طَعَّانَاً، بَلْ كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ خَلْقَاً وَخُلُقَاً.

وبناء على ذلك:

أَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الذينَ ظَاهِرُهُمُ الصَّلَاحُ: اتَّقُوا اللهَ تعالى في الأُمَّةِ، وَلَا تَكُونُوا مُنَفِّرِينَ، لِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيمَنْ لَا يَأْلَفُ وَلَا يُؤْلَفُ، وَلَا خَيْرَ فِيمَنْ يُنَفِّرُ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللهِ تعالى بِسُلُوكِهِ، وَكُلُّ مَنْ طَعَنَ في دِينِ اللهِ تعالى بِسَبَبِهِ يَكُونُ ذَلِكَ في صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ.

كَمَا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ هُنَا إلى أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الطَّعْنِ في دِينِ اللهِ تعالى، وفي عِبَادِ الله الصَّالِحِينَ، بِسَبَبِ سُلُوكِ مَنْ ظَاهِرِهُمُ الصَّلَاحُ، أَلَمْ يَقُلْ مَوْلَانَا عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.

فَمَا ذَنْبُ الإِسْلَامِ، وَمَا ذَنْبُ الصَّالِحِينَ، إِذَا أَسَاءَ مَنْ ظَاهِرِهُمُ الصَّلَاحُ؟

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدَّاً جَمِيلَاً، وَارْزُقْنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2018 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 318
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 573
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 227
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 236
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 233
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 286
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424534519
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :