من هو الصاحب بالجنب والجار الجنب؟

9260 - من هو الصاحب بالجنب والجار الجنب؟

02-11-2018 28101 مشاهدة
 السؤال :
من هو المقصود بقوله تعالى: ﴿وَالجَارِ الجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9260
 2018-11-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُـشْرِكُوا بِهِ شَيْئَاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانَاً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالَاً فَخُورَاً﴾.

أولاً: المَقْصُودُ بِالجَارِ في هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، هُوَ مَنْ كَانَ مَسْكَنُهُ قَرِيبَاً مِنْكَ، أَو شَرِيكَاً مَعَكَ في عَقَارٍ، أَو تِجَارَةٍ، أَو سَفَرٍ.

وَيَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: كُلُّ مَنْ قَارَبَ بَدَنُهُ بَدَنَ صَاحِبِهِ، قِيلَ لَهُ: جَارٌ.

روى البيهقي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقَّانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ حَقٌّ؛ فَأَمَّا الذي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: فَالجَارُ المُسْلِمُ القَرِيبُ لَهُ حَقُّ الجَارِ، وَحَقُّ الإِسْلَامِ، وَحَقُّ القَرَابَةِ؛ وَأَمَّا الذي لَهُ حَقَّانِ: فَالجَارُ المُسْلِمُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ، وَحَقُّ الإِسْلَامِ؛ وَأَمَّا الذي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ: فَالجَارُ الكَافِرُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ».

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، نُطْعِمُهُمْ مِنْ نُسُكِنَا؟

قَالَ: «لا تُطْعِمُوا المُشْرِكِينَ شَيْئَاً مِنَ النُّسُكِ».

فَالجَارُ ذُو القُرْبَى: هُوَ الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ، وَهُوَ جَارٌ لَكَ.

وَالجَارُ الجُنُبُ: هُوَ الذي لَا قَرَابَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَهُوَ جَارٌ لَكَ.

ثانياً: أَمَّا الصَّاحِبُ بِالجَنْبِ، فَيَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: الصَّاحِبُ بِالجَنْبِ: الزَّوْجَةُ.

وَقِيلَ: المُرَادُ بِهِ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ.

وَقِيلَ: رَفِيقُكَ الذي يُرَافِقُكَ في سَفَرٍ أَو حَضَرٍ.

وَلَا شَكَّ بِأَنَّ هَذِهِ الآيَةَ تَتَنَاوَلُ الجَمِيعَ بِالعُمُومِ، لِأَنَّ الإِنْسَانَ المُؤْمِنَ مُطَالَبٌ بِالإِحْسَانِ إلى الزَّوْجَةِ، وَإلى الصَّاحِبِ في السَّفَرِ وَفي الحَضَرِ.

قَالَ تعالى في حَقِّ الزَّوْجَةِ: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في حَقِّ الصَّاحِبِ المُطْلَقِ: «خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ، وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ» رواه الحاكم والترمذي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَالمَقْصُودُ بِالجَارِ الجُنُبِ هُوَ الجَارُ الذي لَا قَرَابَةَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، وَلَقَدْ حَرَّضَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى الإِحْسَانِ إلى الجَارِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» رواه الشيخان عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وَحَذَّرَنَا مِنَ الإِسَاءَةِ إِلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لَا يُؤْمِنُ».

قِيلَ: وَمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «الَّذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَالصَّاحِبُ بِالجَنْبِ، شَامِلٌ لِكُلِّ صَاحِبٍ، فَالزَّوْجَةُ صَاحِبَةٌ، قَالَ تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ المَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ﴾ أَيْ: زَوْجَتِهِ؛ وَالصَّاحِبُ في السَّفَرِ صَاحِبٌ، وَالصَّاحِبُ في الـحَضَرِ صَاحِبٌ؛ وَالإِحْسَانُ للجَمِيعِ مَطْلُوبٌ في شَرْعِنَا، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
28101 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 195
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 64
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 33
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 19
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 127
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1710
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5630
المقالات 3190
المكتبة الصوتية 4847
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417376098
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :