الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: أَوْلَادُ الوَلَدِ الذي مَاتَ قَبْلَ أَبِيهِ لَا يَرِثُونَ مِنْ جَدِّهِمْ أَو جَدَّتِهِمْ بِوُجُودِ أَوْلَادِ المُتَوَفَّى، لِأَنَّهُمْ أَحَقُّ بِتَرِكَةِ أَبِيهِمْ.
ثانياً: قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلَاً مَعْرُوفَاً﴾. هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ مِنْ أَحْكَامِ اللهِ تعالى التي فِيهَا جَبْرٌ للقُلُوبِ، حَيْثُ يُرَغِّبُ اللهُ تعالى الوَارِثِينَ أَنْ يُعْطُوا غَيْرَ الوَارِثِينَ مِنَ الأَقَارِبِ، وَكَذَلِكَ الفُقَرَاءَ مِنْ غَيْرِ الأَقَارِبِ، أَنْ يُعْطُوهُمْ مِنْ مَالِ التَّرِكَةِ الذي جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ تعالى مِنْ غَيْرِ كَدٍّ وَلَا تَعَبٍ، وَلَا عَنَاءٍ وَلَا نَصَبٍ؛ لِأَنَّ نُفُوسَ الأَقَارِبِ غَيْرِ الوَارِثِينَ، وَالفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ وَاليَتَامَى تَتَطَلَّعُ إلى هَذَا المَالِ.
فَعَلَى الوَارِثِينَ أَنْ يَجْبُرُوا خَاطِرَ هَؤُلَاءِ بِمَا لَا يَضُرُّهُمْ وَهُوَ نَافِعٌ لَهُمْ، وَأَنْ يُعْطُوهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ مَا تَيَسَّرَ، وَهَذَا مِنْ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ».
وَإِذَا أَبَى الوَارِثُونَ إِعْطَاءَهُمْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لَهُمْ قَوْلَاً مَعْرُوفَاً، مِنْ غَيْرِ فُحْشٍ وَجَرْحِ خَاطِرٍ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلَاً مَعْرُوفَاً﴾. تَشْمَلُ أَوْلَادَ المَحْرُومِ، وَتَحُثُّ الوَارِثِينَ عَلَى إِعْطَائِهِمْ شَيْئَاً مِنَ التَّرِكَةِ لِتَطْيِيبِ نُفُوسِهِمْ وَجَبْرِ خَوَاطِرِهِمْ، وَهَذَا الأَمْرُ لَيْسَ للوُجُوبِ، بَلْ هُوَ للنَّدْبِ عِنْدَ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ، لِأَنَّهُ لَو كَانَ فَرْضَاً أَو وَاجِبَاً لَكَانَ اسْتِحْقَاقَاً وَمُشَارَكَةً في المِيرَاثِ.
وَهُنَا تَجْدُرُ الإِشَارَةُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ للجَدِّ ـ وَالجَدَّةِ ـ أَنْ يُوصِيَ بِشَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ لِأَحْفَادِهِ، وَأَنْ تَكُونَ بِمِقْدَارِ حِصَّةِ وَالِدِهِمْ، بِحَيْثُ لَا تَتَجَاوَزُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ فَيُسْتَحَبُّ للوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهُمْ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |