﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾

9553 - ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾

18-03-2019 701 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9553
 2019-03-18

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ لِي رَجُلٌ: قَالُوا للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: لَتَكُفَّنَّ عَنْ شَتْمِ آلِهَتِنَا أَو لَنَأْمُرَنَّهَا فَلَتُخْبِلَنَّكَ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ﴾.

لَقَدْ كَانَ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يُخَوِّفُونَ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِن آلِهَتِهِمْ، وَيُحَذِّرُونَهُ مِنْ غَضَبِهَا، عِنْدَمَا يَصِفُهَا بِأَنَهَا لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَا تَمْلِكُ حَوْلَاً وَلَا قُوَّةً، وَكَانُوا يَتَوَعَّدُونَهُ بِأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُفَّ عَنْ ذِكْرِهَا بِسُوءٍ فَسَتُصِيبُهُ بِالأَذَى، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾؟

فَإِذَا كَانَ اللهُ تعالى كَافِيَهُ، فَمَنْ ذَا يُخِيفُهُ؟ وَمَاذَا يُخِيفُهُ؟ وَمَنْ قَامَ مَقَامَ العُبُودِيَّةِ، وَقَامَ بِحَقِّهَا حَقَّ القِيَامِ، فَمَنِ الذي يَشُكُّ في كِفَايَةِ اللهِ تعالى لِعَبْدِهِ، وَهُوَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ؟

﴿وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ كَيْفَ يَخَافُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهُمْ في قَبْضَةِ اللهِ تعالى؟

فالذي يَحْرُسُهُ اللهُ تعالى لَا يُخِيفُهُ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ، وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ وَاضِحَةٌ لَا تَحْتَاجُ إلى دَلِيلٍ وَلَا بُرْهَانٍ، لِأَنَّ اللهَ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ، وَلَا يُعْجِزُهُ شَيْءٌ في الأَرْضِ وَلَا في السَّمَاءِ، وَمَشِيئَتُهُ هِيَ النَّافِذَةُ، مَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئَاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾. فَاللهُ تعالى هُوَ الذي يَعْلَمُ مَنْ يَسْتَحِقُّ الضَّلَالَةَ فَيُضِلُّهُ، وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الهُدَى فَيَهْدِيهِ، وَإِذَا قَـضَى أَمْرَاً فَلَا رَادَّ لَهُ.

﴿أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ﴾. بَلَى؛ إِنَّهُ عَزِيزٌ قَوِيٌّ يُجَازِي كُلَّاً بِمَا يَسْتَحِقُّ، فَيَنْتَقِمُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الانْتِقَامَ، وَيَحْفَظُ وَيَرْعَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الحِفْظَ وَالرِّعَايَةَ.

وَهَلْ هُنَاكَ أَحَدٌ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكْفِيَهُ اللهُ شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ، كَسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟

﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾. بَلَى وَرَبِّي كَافِيهِ.

اللَّهُمَّ بِجَاهِهِ عِنْدَكَ اكْفِنَا شَرَّ الأَشْرَارِ وَكَيْدَ الفُجَّارِ بِمَا شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
701 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  التفسير وعلوم القرآن

 السؤال :
 2024-08-01
 177
مَا تَفْسِيرُ الآيَتَيْنِ الكَرِيمَتَيْنِ: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾؟
رقم الفتوى : 13237
 السؤال :
 2024-07-25
 41
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾؟
رقم الفتوى : 13230
 السؤال :
 2024-07-25
 21
مَا دَامَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، فَكَيْفَ نُوَفِّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13229
 السؤال :
 2024-07-25
 12
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ﴾؟
رقم الفتوى : 13228
 السؤال :
 2023-08-07
 117
مَا تَفْسِيرُ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾؟
رقم الفتوى : 12669
 السؤال :
 2023-03-23
 1706
مَا هِيَ النَّارُ الكُبْرَى المُشَارُ إِلَيْهَا في قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى * سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى * وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى * الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى* ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى﴾؟
رقم الفتوى : 12465

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5628
المقالات 3188
المكتبة الصوتية 4842
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 417284235
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :