الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أَوَّلًا: يَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
وَمِنْ إِتْقَانِ العَمَلِ رِعَايَةُ هَذِهِ الحَيَوَانَاتِ حَقَّ الرِّعَايَةِ، وَالإِحْسَانُ إِلَيْهَا حَقَّ الإِحْسَانِ.
ثَانِيًا: مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْنَا أَنَّهُ لَا يُؤَاخِذُنَا إِنْ نَسِينَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى مُعَلِّمًا لَنَا أَنْ نَدْعُوَهُ هَذَا الدُّعَاءَ: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾.
وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ هَذَا المَعْنَى بِقَوْلِهِ: «إِنَّ اللهَ قَدْ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَلَا إِثْمَ عَلَى هَذِهِ المَرْأَةِ وَلَا حَرَجَ مَا دَامَ الأَمْرُ كَانَ نِسْيَانًا، وَلَكِنْ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ عَلَى حَذَرٍ مِنَ الوُقُوعِ فِي الأَمْرِ مَرَّةً ثَانِيَةً، لِمَا رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا، إِذْ حَبَسَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ».
وَالأَوْلَى فِي حَقِّهَا إِنْ كَانَتْ مَيْسُورَةً أَنْ تَتَصَدَّقَ بِقِيمَةِ هَذِهِ الطُّيُورِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. هذا، والله تعالى أعلم.