هل انتشر الإسلام بالسيف

330 - هل انتشر الإسلام بالسيف

21-05-2007 124954 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح أن الإسلام انتشر بالسيف لا بالدعوة الكلامية فقط؟ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة). وقوله صلى الله عليه وسلم: (وجعل رزقي في ظل رمحي).
 الاجابة :
رقم الفتوى : 330
 2007-05-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

﴿كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا﴾.

أولاً: الحَدِيثَانِ هُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، ذَكَرَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالبَيْهَقِيُّ في شُعَبِ الإِيمَانِ، وَأَبُو يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ». وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: إِسْنَادُهُ صَالِحٌ. وَذَكَرَ جُزْءَاً مِنْهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الجِهَادِ تَعْلِيقَاً.

ثانياً: القُرْآنُ فَصَلَ في هَذِهِ القَضِيَّةِ، وَمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِيَصْدُرَ عَنْهُ مَا يُنَاقِضُ القُرْآنَ العَظِيمَ الذي بَلَغَهُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ حَيْثُ قَالَ: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.

وَقَالَ: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعَاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾.

وَقَالَ آمِرَاً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ﴾.

وَقَالَ مُبَيِّنَاً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾.

وَقَالَ آمِرَاً لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.

وَأَمَّا الشَّطْرُ الأَوَّلُ مِنَ الحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ». فَجَاءَ بَيَانَاً لِوَسِيلَةِ حِمَايَةِ الدَّعْوَةِ عِنْدَ التَّعَدِّي عَلَيْهَا، وَعِنْدَ التَّصَدِّي للمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا فَهَلِ اسْتَعْمَلَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ السَّيْفَ لِإِكْرَاهِ أَحَدٍ عَلَى الإِسْلَامِ؟ اللَّهُمَّ لَا.

وَمَاذَا يَنْفَعُ إِسْلَامٌ بِالقَهْرِ؟ فَالإِسْلَامُ يُرِيدُ قُلُوبَاً لَا قَوَالِبَ، وَالقَهْرُ بِالقُوَّةِ لَا يَجْعَلُ مَوَدَّةً في قَلْبِ المَقْهُورِ تُجَاهَ القَاهِرِ.

وَأَمَّا الشَّطْرُ الثَّانِي مِنَ الحَدِيثِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي». إِشَارَةٌ إلى آيَةِ الغَنَائِمِ: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾.

فَصَارَ رِزْقُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ في بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِينَ، حَتَّى لَا يَنْشَغِلَ عَنِ الدَّعْوَةِ بِكَسْبِ الرِّزْقِ، وَصَارَ هَذَا مَبْدَأً مِنْ مَبَادِئِ الإِسْلَامِ، فَأَصْبَحَ لِوَلِيِّ أَمْرِ المُسْلِمِينَ مُرَتَّبٌ في بَيْتِ مَالِ المُسْلِمِينَ حَتَّى يَتَفَرَّغَ لِشُؤُونِهِمْ، وَهَذَا هُوَ مَا فَهِمَهُ أَصْحَابُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ أَنِ اخْتَارَهُ المُسْلِمُونَ خَلِيفَةً، تَوَجَّهَ الى السُّوقِ كَعَادَتِهِ للتِّجَارَةِ، فَقَابَلَهُ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقَالَ لَهُ: مَاذَا تَصْنَعُ في السُّوقِ؟

قَالَ: أَعْمَلُ لِرِزْقِي وَرِزْقِ عِيَالِي.

فَقَالَ لَهُ: قَدْ كَفَاكَ اللهُ ذَلِكَ. مُشِيرَاً إلى قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ﴾. فَمُرَتَّبُ الخَلِيفَةِ مِنْ ذَلِكَ الخُمُسِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
124954 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2023-12-29
 1808
اتَّصَلَتِ امْرَأَةٌ بِمُدِيرِهَا تُبَارِكُ لَهُ بِمَوْلُودٍ جَاءَهُ، فَرَدَّ عَلَيْهَا وَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ يُحِبُّهَا مُنْذُ أَنْ عَرَفَهَا، وَطَلَبَ مِنْهَا أَنْ يَزُورَهَا في زِيَارَةً خَاصَّةً، فَمَاذَا تَفْعَلُ، وَهِيَ امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ وَمُحَافِظَةٌ؟
رقم الفتوى : 12878
 السؤال :
 2023-12-29
 423
لَقَدْ دَعَانَا الإِسْلَامُ إلى العَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنِ المُسِيءِ، أَلَا تَرَى في ذَلِكَ ضَيَاعًا لِكَرَامَةِ الإِنْسَانِ؟
رقم الفتوى : 12876
 السؤال :
 2023-12-11
 818
أَنَا طَالِبُ عِلْمٍ، وَأَدْرُسُ الشَّرِيعَةَ، وَلَكِنَّ نَظْرَةَ المُجْتَمَعِ وَالأَقَارِبِ نَظْرَةٌ دُونِيَّةٌ، وَيَقُولُونَ: إِنَّنِي إِنْسَانٌ مُتَخَلِّفٌ، وَيُسْمِعُونِي كَلَامًا جَارِحًا، وَوَالِدِي مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، يَرَى الأَخْطَاءَ، فَأَقُولُ لَهُ: قَدِّمِ النُّصْحَ لَهُمْ، فَيَقُولُ: لَا شَأْنَ لَنَا مَعَ أَحَدٍ، فَبِمَ تَنْصَحُنِي؟
رقم الفتوى : 12849
 السؤال :
 2023-07-13
 3205
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ مُعَلِمَ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؟
رقم الفتوى : 12644
 السؤال :
 2023-07-13
 1441
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّ المَحْرُومَ مِنَ الوَلَدِ إِذَا لَازَمَ الاسْتِغْفَارَ يُكْرِمُهُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بِذُرِّيَّةٍ صَالِحَةٍ؟
رقم الفتوى : 12642
 السؤال :
 2023-03-25
 7980
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ، ارْتَكَبَتْ جَرِيمَةَ الزِّنَا، وَتُرِيدُ أَنْ تَتُوبَ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَزَوَّجَ مِنَ الزَّانِي بِهَا، لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقْبَلُ تَوْبَتَهَا؟
رقم الفتوى : 12474

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3168
المكتبة الصوتية 4802
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 415620561
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :