الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الطَّهَارَةَ عَنِ الحَدَثِ وَالجَنَابَةِ وَالحَيْضِ وَالنِّفَاسِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ، فَمَنْ طَافَ بِالبَيْتِ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلطَّهَارَةِ فَطَوَافُهُ بَاطِلٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ سُنَّةً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ العَوْدُ لِأَدَائِهِ، وَيَظَلُّ مُحْرِمًا حَتَّى يُؤَدِّيَهُ.
وَذَهَبَ الحَنَفِيَّةُ إِلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ، فَمَنْ طَافَ وَهُوَ فَاقِدٌ الطَّهَارَةِ فَطَوَافُهُ عِنَدُهُمْ صَحِيحٍ مَعَ الإِثْمِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الإِعَادَةُ أَوِ الجَزَاءُ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَمَنْ أَحْدَثَ أَثْنَاءَ الطَّوَافِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُتَمِّمَ الأَشْوَاطَ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا عِنْدَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَرِوَايَةٍ عَنْ مَالِكٍ.
وَالمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُعِيدُ الطَّوَافَ إِذَا أَحْدَثَ أَثْنَاءَ الطَّوَافِ. هذا، والله تعالى أعلم.