الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ مدَّةَ الإجارةِ ليسَ لها حدٌّ أقصى، فتجوزُ المدَّةُ التي تبقى فيها وإن طالت، بشرط أن تكون محددة في العقد، فإذا لم تحدد وقال المؤجِّرُ: آجرتُكَ هذا العقارَ كلَّ سَنَةٍ بكذا، فالعقدُ صحيحٌ، وتلزمُ الإجارةُ في السَّنةِ الأولى فقط، بإطلاق العقد لسنة، لأنَّهُ معلومٌ بالعقدِ، وما بعدَهُ من السَّنواتِ يلزمُ العقدُ بتجديده أو بالتَّلبُّسِ به، وهو الاستمرار بسكنى العقارِ مع موافقة المؤجر، لأنَّهُ مجهولٌ حالَ العقدِ، فإذا تلبَّسَ به تعيَّنَ الدُّخولُ فيه بالمعاطاة، فَصَحَّ، وإن لم يتلبَّس به، أو لم يجدده عندَ انقضاءِ السَّنةِ الأولى انفسخَ العقدُ.
وخالفَ في ذلكَ الشافعيةُ الذينَ اشترطوا أن تكونَ مدَّةُ الإجارة معلومةَ الابتداءِ والانتهاءِ.
ثانياً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ إلى أنَّ عقدَ الإجارةِ لا ينفسخُ بموتِ أحدِ المتعاقدَينِ، لأنَّه عقدٌ لازمٌ لا ينقضي بهلاكِ أحدِهِما، وخالفَ بذلكَ الحنفيةُ، وقالوا بفسخِ عقدِ الإجارةِ بموتِ أحدِ المتعاقدَينِ اللذَينِ يعقدانِ لنفسَيهِما.
وبناء على ذلك:
أولاً: عقدُ الإجارةِ هذا صحيحٌ عندَ جمهورِ الفقهاءِ خلافاً للشافعيةِ.
ثانياً: انتهى عقدُ الإجارةِ بموتِ المؤجِّرِ خلافاً للجمهورِ.
والذي أراهُ هوَ جوازُ بقائِكَ في المحلِّ إلى نهايةِ السَّنةِ التي بدأتَ بها، وبعدَ ذلكَ يجبُ عليكَ تسليمُ العقارِ للورثةِ باتِّفاقِ الفقهاءِ، هذا من حيثُ الفتوى، أمَّا من حيثُ التَّقوى فأنصحُكَ بتسليمِ المحلِّ للورثةِ مباشرةً، وأن تُطالبَهُم ببقيَّةِ الأجرةِ إن كنتَ دَفَعتَها ابتداءً، أو تدفعَ لهم أجرةَ الأشهرِ التي شغلتَ فيها المحلَّ. هذا، والله تعالى أعلم.