سهر الزوج

10156 - سهر الزوج

06-02-2020 8976 مشاهدة
 السؤال :
زَوْجِي صَاحِبُ دِينٍ، إِلَّا أَنَّهُ وَبِكُلِّ أَسَفٍ يَسْهَرُ خَارِجَ البَيْتِ طَوِيلَاً وَكَثِيرَاً، وَفي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ لَا يَأْتِي إِلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَدْ ضَاقَ صَدْرِي مِنْهُ، فَمَا هِيَ نَصِيحَتُكَ لَهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 10156
 2020-02-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَأَقُولُ لِكُلِّ زَوْجٍ، وَلِكُلِّ صَاحِبِ دِينٍ وَخُلُقٍ، يُطِيلُ السَّهَرَ خَارِجَ البَيْتِ، وَيُكْثِرُ مِنْهُ: يَا صَاحِبَ الدِّينِ: هَلْ سَهَرُكَ في طَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ وَهَلْ تَمَتُّعُكَ بِسَهَرِكَ في مَرْضَاةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ وَهَلْ سَهَرُكَ الطَّوِيلُ الكَثِيرُ بَعِيدَاً عَنْ زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ يُرْضِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ؟

وَاللهِ الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَو كَانَ سَهَرُكَ في خِدْمَةِ دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفي خِدْمَةِ المُسْلِمِينَ، وَفِيمَا يَنْفَعُكَ وَيَنْفَعُ ذُرِّيَّتَكَ، لَعَطَّفَ اللهُ تعالى قَلْبَ زَوْجَتِكَ عَلَيْكَ، وَقَلْبَ أَوْلَادِكَ عَلَيْكَ، وَلَرَضِيَ الجَمِيعُ عَنْكَ. هذا أولاً.

ثانياً: هَلْ أَنْتَ تَشْعُرُ بِأَنَّ اللهَ تعالى رَاضٍ عَنْكَ في سَهَرِكَ الطَّوِيلِ الكَثِيرِ، وَأَنْتَ بَعِيدٌ عَنْ زَوْجَتِكَ وَأَبْنَائِكَ؟ أَيْنَ حَقُّ الزَّوْجَةِ؟ وَأَيْنَ حَقُّ الوَلَدِ؟ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً»؟ رواه الإمام البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾؟

ثالثاً: هَلْ تَعْلَمُ بِأَنَّ سَهَرَكَ الطَّوِيلَ الكَثِيرَ خَارِجَ بَيْتِكَ مَعَ أَصْحَابِكَ فِيهِ إِيذَاءٌ لَكَ، وَلِزَوْجَتِكَ، وَلِأَوْلَادِكَ، وَفِيهِ إِيذَاءٌ لِزَوْجَةِ صَاحِبِ البَيْتِ مِنْ حَيْثُ تَدْرِي، وَمِنْ حَيْثُ لَا تَدْرِي؟

وَهَلْ تَعْلَمُ بِأَنَّ إِيذَاءَ زَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ، وَإِيذَاءَ زَوْجَةِ صَدِيقِكَ وَأَوْلَادِهِ كَبِيرَةٌ مِنَ الكَبَائِرِ؟

رابعاً: هَلْ تَعْلَمُ بِأَنَّ سَهَرَكَ الطَّوِيلَ وَالكَثِيرَ خَارِجَ بَيْتِكَ فَتَحَ لِزَوْجَتِكَ وَأَوْلَادِكَ بَابَاً كَبِيرَاً مِنْ أَبْوَابِ الفِتَنِ، وَخَاصَّةً عَنْ طَرِيقِ النِّت، وَمَا أَدْرَاكَ مَا النِّت؟

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَا صَاحِبَ الدِّينِ وَالخُلُقِ، اتَّقِ اللهَ تعالى في زَوْجَتِكَ، اتَّقِ اللهَ تعالى في أَوْلَادِكَ، وَاللهِ لَو كَانَ سَهَرُكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. لَكُنْتَ في خَيْرٍ عَظِيمٍ.

وَاللهِ لَو كَانَ سَهَرُكَ مِنْ خِلَالِ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾ لَكُنْتَ في خَيْرٍ عَظِيمٍ.

وَاللهِ لَو كَانَ سَهَرُكَ في مُدَارَسَةِ العِلْمِ لَكُنْتَ في خَيْرٍ عَظِيمٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّرْعَ لَا يُقِرُّكَ مَعَ سَهَرِكَ في الطَّاعَةِ أَنْ تُهْمِلَ حَقَّ زَوْجَتِكَ؛ انْظُرْ في سِيرَةِ خَيْرِ الخَلْقِ بَعْدَ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سِيرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، كَيْفَ ذَكَّرَ سَيِّدُنَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ أَخَاهُ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بِحَقِّ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ يَقْضِي اللَّيْلَ في العِبَادَةِ وَلَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ حَقَّهَا.

يَا صَاحِبَ الدِّينِ وَالخُلُقِ في نَظَرِ زَوْجَتِكَ، أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا يَكُونَ سَهَرُكَ في مَعْصِيَةِ اللهِ تعالى، أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا يَكُونَ سَهَرُكَ مَعَ قُرَنَاءِ السُّوءِ، أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا يَكُونَ سَهَرُكَ في الأَلْعَابِ المُحَرَّمَةِ، كَوَرَقِ الشَّدَّةِ وَالطَّاوِلَةِ، أَرْجُو اللهَ تعالى أَنْ لَا يَكُونَ سَهَرُكَ في الغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالسُّخْرِيَةِ.

يَا صَاحِبَ السَّهَرِ الطَّوِيلِ وَالكَثِيرِ، لَقَدْ ضَيَّعْتَ كَثِيرَاً مِنَ الوَاجِبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ التي عَلَيْكَ، كَمْ ضَيَّعْتَ صَلَاةَ الفَجْرِ؟ كَمْ ضَيَّعْتَ حَقَّ الزَّوْجَةِ وَالأَوْلَادِ؟

يَا صَاحِبَ السَّهَرِ الطَّوِيلِ وَالكَثِيرِ، لَقَدْ آذَيْتَ جَسَدَكَ مِنْ خِلَالِ نِسْيَانِكَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً﴾. نَوْمُكَ بِاللَّيْلِ غَيْرُ نَوْمِكَ بِالنَّهَارِ، لَقَدْ خَالَفْتَ الفِطْرَةَ، وَأَتْعَبْتَ جَسَدَكَ.

يَا صَاحِبَ السَّهَرِ الطَّوِيلِ وَالكَثِيرِ، لَقَدْ فَوَّتَّ عَلَى نَفْسِكَ البَرَكَةَ، بَرَكَةَ البُكُورِ، لَقَدْ حَرَمْتَ نَفْسَكَ مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» رواه الترمذي عَنْ صَخْرٍ الغَامِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

لَقَدْ حَرَمْتَ نَفْسَكَ مِنْ صَلَاةِ الفَجْرِ في جَمَاعَةٍ، وَالجُلُوسَ لِذِكْرِ اللهِ تعالى إلى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، فَوَّتَّ عَلَى نَفْسِكَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ».

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» رواه الترمذي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

يَا رَبِّ، أَذِقْنَا حَلَاوَةَ المُتَابَعَةِ لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ، وَالسَّهَرَ بَعْدَهُ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

8976 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب عشرة النساء

 السؤال :
 2024-11-27
 455
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِلزَّوْجَةِ النَّاشِزِ، مَعَ إِحْسَانِ زَوْجِهَا لَهَا؟
رقم الفتوى : 13390
 السؤال :
 2024-09-19
 761
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الغَيُورِ غَيْرَةً مُفْرِطَةً نَحْوَ زَوْجَتِهِ، وَيُحَاوِلُ أَنْ يَعْلَمَ مَعَ مَنْ تَتَكَلَّمُ؟ وَمَاذَا تَتَكَلَّمُ؟ وَيُفَتِّشُ جَوَّالَهَا؟
رقم الفتوى : 13333
 السؤال :
 2024-08-31
 701
مَا حُكْمُ الزَّوْجِ الذي يَذْهَبُ كُلَّ يَوْمٍ إلى بَيْتِ أُمِّهِ في وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنَ اللَّيْلِ، وَيَسْهَرُ عِنْدَهَا، ثُمَّ يَعُودُ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ؟
رقم الفتوى : 13307
 السؤال :
 2023-12-11
 732
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟
رقم الفتوى : 12847
 السؤال :
 2023-01-17
 1367
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12360
 السؤال :
 2022-10-03
 232
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَتَزَوَّجُ زَوْجَةً ثَانِيَةً، وَزَوَاجُهُ هَذَا دَمَّرَ البَيْتَ الأَوَّلَ؟
رقم الفتوى : 12219

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424535334
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :