معاملة الزوجة لزوجها بمثل ما يعاملها

12030 - معاملة الزوجة لزوجها بمثل ما يعاملها

20-06-2022 2105 مشاهدة
 السؤال :
هَلْ يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَامِلَ زَوْجَهَا بِالمِثْلِ عِنْدَمَا يُسِيءُ إِلَيْهَا؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12030
 2022-06-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالأَصْلُ في الزَّوَاجِ أَنَّهُ سَكَنٌ وَمَوَدَّةٌ وَرَحْمَةٌ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾. فَالزَّوَاجُ مَبْنِيٌّ عَلَى السَّكَنِ وَالأُلْفَةِ وَالمَوَدَّةِ وَالتَّفَاهُمْ.

وَلَكِنْ، عَلَى الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَذَكَّرَا حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» رَوَاهُ الحَاكِمُ وَابْنُ مَاجَه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَلَا عِصْمَةَ لِأَحَدٍ بَعْدَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

فَإِذَا عُولِجَ الخَطَأُ بِالطَّرِيقِ المَشْرُوعِ فَسُرْعَانَ مَا يَتَلَاشَى، وَعَلَى كُلِّ زَوْجٍ أَنْ يَتَذَكَّرَ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً، إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَهَذَا يَنْطَبقُ عَلَى الزَّوْجَةِ كَذَلِكَ، فَلْتَذْكُرْ حَسَنَاتِ زَوْجِهَا إِذَا أَسَاءَ.

هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: أَبَاحَ الشَّرْعُ الشَّرِيفُ أَنْ تُرَدَّ السَّيِّئَةُ بِالسَّيِّئَةِ عَدْلًا، إِلَّا أَنَّهُ حَرَّضَ المُسَاءَ إِلَيْهِ أَنْ يُعَامِلَ المُسِيءَ بِالفَضْلِ لَا بِالعَدْلِ، رَجَاءَ أَنْ يُعَامِلَهُ اللهُ تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ بِالفَضْلِ.

قَالَ تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾.

وَقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾.

وَإِذَا قَابَلَ الإِنْسَانُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ فَمَتَى تَنْتَهِي السَّيِّئَاتُ في الأُسَرِ وَالمُجْتَمَعِ؟

ثَالِثًا: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ بَيَّنَ للرِّجَالِ طَرِيقَ عِلَاجِ المَرْأَةِ النَّاشِزِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا * وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.

وَبَيَّنَ للنِّسَاءِ طَرِيقَ عِلَاجِ الرَّجُلِ النَّاشِزِ، فَقَالَ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾.

وَلَا يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَامِلَ زَوْجَهَا النَّاشِزَ بِنَفْسِ الأُسْلُوبِ الذي أَرْشَدَ اللهُ تعالى فِيهِ الرِّجَالَ لِمُعَالَجَةِ نُشُوزِ المَرْأَةِ، يَعْنِي: لَا يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَالِجَ نُشُوزَ زَوْجِهَا بِالهَجْرِ في فِرَاشِ الزَّوْجِيَّةِ فَضْلًا عَنِ الضَّرْبِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَاللَّائِقُ بِالمَرْأَةِ المُسْلِمَةِ أَنْ تُعَاشِرَ زَوْجَهَا بِالمَعْرُوفِ، وَأَنْ تُقَابِلَ الإِسَاءَةَ بِالإِحْسَانِ، وَأَنْ تَصْبِرَ عَلَى سُوءِ أَخْلَاقِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ، لِأَنَّهَا إِنْ عَامَلَتْهُ بِالمِثْلِ، بِالجَفَاءِ وَالغِلْظَةِ وَقَسْوَةِ الكَلَامِ، فَكَأَنَّهَا تَصُبُّ الزَّيْتَ عَلَى النَّارِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَتَذَكَّرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ﴾.

وَلَا إِثْمَ عَلَيْهَا إِذَا عَامَلَتْ زَوْجَهَا بِالمِثْلِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾.

قَالَ بَعْضُهُمْ:

وَلَا إِسَاءَةَ إِذَا الزَّوْجُ ابْتَدَا   ***   بِمِثْلِهَا لِقَوْلِهِ: مَنِ اعْتَدَى

وَلَكِنْ عَلَيْهَا أَنْ تَتَذَكَّرَ نَتَائِجَ هَذَا الفِعْلِ، لِأَنَّهُ في الغَالِبِ قَدْ يُؤَدِّي إلى الطَّلَاقِ، لِذَلِكَ فَإِنَّ التَّعَامُلَ بِالفَضْلِ أَوْلَى مِنَ التَّعَامُلِ بِالعَدْلِ. هذا، والله تعالى أعلم.

2105 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب عشرة النساء

 السؤال :
 2023-12-11
 351
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟
رقم الفتوى : 12847
 السؤال :
 2023-01-17
 842
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12360
 السؤال :
 2022-10-03
 1695
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَتَزَوَّجُ زَوْجَةً ثَانِيَةً، وَزَوَاجُهُ هَذَا دَمَّرَ البَيْتَ الأَوَّلَ؟
رقم الفتوى : 12219
 السؤال :
 2022-06-16
 935
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ مِنْ سَنَوَاتٍ، وَمَا رَأَتِ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ، زَوْجُهَا سَيِّئُ الأَخْلَاقِ، لِأَتْفَهِ الأَسْبَابِ يَشْتِمُ وَيَسُبُّ وَيَضْرِبُ وَيَتَلَفَّظُ بِكَلِمَاتٍ جَارِحَةٍ؛ حَيَاتُهَا مَعَهُ جَحِيمٌ، فَهَلْ تَنْصَحُونَهَا بِطَلَبِ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12020
 السؤال :
 2022-06-16
 657
هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِلَاجُ الزَّوْجَةِ أَمْ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهَا؟
رقم الفتوى : 12019
 السؤال :
 2022-06-14
 452
تَزَوَّجَتِ امْرَأَةٌ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ صَاحِبُ دِينٍ، وَأَنَّهُ مُطَلِّقٌ زَوْجَتَهُ الأُولَى لِسُوءِ أَخْلَاقِهَا، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَبَيَّنَ عَكْسُ ذَلِكَ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تَطْلُبَ الطَّلَاقَ مِنْهُ؟
رقم الفتوى : 12011

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413690316
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :