كيف يجعل حياته لله تعالى؟

12220 - كيف يجعل حياته لله تعالى؟

03-10-2022 34 مشاهدة
 السؤال :
مِنْ خِلَالِ قَوْلِ اللهِ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾. كَيْفَ يَجْعَلُ العَبْدُ حَيَاتَهُ كُلَّهَا للهِ تعالى؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 12220
 2022-10-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالإِنْسَانُ المُسْلِمُ هُوَ المُسْتَسْلِمُ لِأَمْرِ اللهِ تعالى، وَالمُنْقَادُ لِشَرْعِهِ تَبَارَكَ وتعالى، عَرَفَ العِلَّةَ وَالغَايَةَ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي أَوْ لَمْ يَعْرِفْهَا، لِأَنَّ اللهَ تعالى خَالِقُهُ وَهُوَ وَحْدَهُ الذي يَسْتَحِقُّ العِبَادَةَ، وَهُوَ تَبَارَكَ وتعالى مَلِكُ قَلْبِ هَذَا العَبْدِ بِمَا أَوْلَاهُ مِنْ نِعَمٍ، فَلْيَجْعَلِ العَبْدُ هَمَّهُ رِضَا اللهِ تعالى، وَلْيَرْجُو أَنْ يَتَقَبَّلَهُ اللهُ في عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، قَالَ تعالى: ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾.

فَالإِنْسَانُ المُسْلِمُ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَجْعَلَ حَيَاتَهُ كُلَّهَا الظَّاهِرَةَ وَالبَاطِنَةَ، الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ للهِ تعالى، وَذَلِكَ مِنْ خِلَالِ الالْتِزَامِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَلَا يَتْرُكُ وَاجِبًا، وَلَا يَقَعُ في مَحْظُورٍ، وَيَبْتَعِدُ عَنِ الشُّبُهَاتِ؛ وَكُلُّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِخْلَاصِ، قَالَ تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾.

وَيُقْبِلُ عَلَى الأَعْمَالِ المُبَاحَةِ شَرْعًا فَيُقْحِمُ فِيهَا النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ لِتَنْقَلِبَ إلى عِبَادَةٍ للهِ تعالى، كَمَا قَالَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِسَيِّدِنَا سَعْدِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فَمِ امْرَأَتِكَ» رَوَاهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ.

يَقُولُ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: المُبَاحُ إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى صَارَ طَاعَةً، وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي اِمْرَأَتِكَ» لِأَنَّ زَوْجَةَ الإِنْسَانِ هِيَ مِنْ أَخَصِّ حُظُوظِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَشَهَوَاتِهِ وَمَلَاذِّهِ الْمُبَاحَةِ، وَإِذَا وَضَعَ اللُّقْمَةَ فِي فِيهَا فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي العَادَةِ عِنْدَ المُلَاعَبَةِ وَالمُلَاطَفَةِ وَالتَّلَذُّذِ بِالْمُبَاحِ، فَهَذِهِ الحَالَةُ أَبْعَدُ الأَشْيَاءِ عَنِ الطَّاعَةِ وَأُمُورِ الآخِرَةِ، وَمَعَ هَذَا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ بِهَذِهِ اللُّقْمَةَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى، حَصَلَ لَهُ الْأَجْرُ بِذَلِكَ، فَغَيْرُ هَذِهِ الحَالَةِ أَوْلَى بِحُصُولِ الأَجْرِ إِذَا أَرَادَ وَجْهَ اللهِ تَعَالَى. اهـ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَبِإِمْكَانِ العَبْدِ أَنْ يَجْعَلَ حَيَاتَهُ كُلَّهَا للهِ تعالى، وَذَلِكَ بِفِعْلِ المَأْمُورَاتِ، وَتَرْكِ المَحْظُورَاتِ، وَالابْتِعَادِ عَنِ الشُّبُهَاتِ، ثُمَّ يَجْعَلَ النِّيَّةَ الصَّالِحَةَ في الأُمُورِ المُبَاحَةِ حَتَّى يَجْعَلَهَا عِبَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى الإِيمَانِ، وَمَمْزُوجًا بِالإِخْلَاصِ لِيَتَحَقَّقَ بِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

34 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مسائل فقهية متنوعة

 السؤال :
 2025-05-14
 318
امْرَأَةٌ تُرَبِّي طُيُورًا فِي بَيْتِهَا، خَرَجَتْ يَوْمًا وَنَسِيَتْ وَضْعَ الطَّعَامِ لَهُمْ حَتَّى مَاتُوا، فَمَاذَا يَجِبُ عَلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 13636
 السؤال :
 2025-05-14
 573
مَا صِحَّةُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: قَالَ المَجْدُ اللُّغَوِيُّ: وَرُوِينَا عَنِ الأَصْمَعِيِّ قال: وَقَفَ أَعْرَابِيٌّ مُقَابِلَ قَبْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا حَبِيبُكَ، وَأَنَا عَبْدُكَ، وَالشَّيْطَانُ عَدُوُّكَ، فَإِنْ غَفَرْتَ لِي سُرَّ حَبِيبُكَ، وَفَازَ عَبْدُكَ، وَغَضِبَ عَدُوُّكَ، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لِي غَضِبَ حَبِيبُكَ، وَرَضِيَ عَدُوُّكَ، وَهَلَكَ عَبْدُكَ وَأَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُغْضِبَ حَبِيبَكَ، وَتُرْضِيَ عَدُوَّكَ وَتُهْلِكَ عَبْدَكَ، اللَّهُمَّ إِنَّ العَرَبَ الكِرَامَ إِذَا مَاتَ مِنْهُمْ سَيِّدٌ أَعْتَقُوا عَلَى قَبْرِهِ، وَإِنَّ هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ فَأَعْتِقْنِي عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: فَقُلْتُ: يَا أَخَا العَرَبِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَكَ، وَأَعْتَقَكَ بِحُسْنِ هَذَا السُّؤَالِ؟
رقم الفتوى : 13634
 السؤال :
 2025-05-14
 227
مَا نَصِيحَتُكُمْ لِإِنْسَانٍ يَشْعُرُ أَنَّهُ مَحْسُودٌ مِنْ أَقْرَانِهِ؟
رقم الفتوى : 13633
 السؤال :
 2025-05-14
 236
مَاذَا يَعْنِي كَلَامُ ابْنِ عَطَاءِ اللهِ السَّكَنْدَرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَقَامَكَ، فَانْظُرْ فِي أَيِّ شَيْءٍ أَقَامَكَ؟
رقم الفتوى : 13631
 السؤال :
 2025-04-28
 233
لَقَدْ أَتْعَبَنِي الانْشِغَالُ بِعُيُوبِ النَّاسِ، وَأَصْبَحَ لَدَيَّ نُفُورٌ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ إِلَّا القَلِيلَ، فَمَا نَصِيحَتُكُمْ لِي؟
رقم الفتوى : 13602
 السؤال :
 2025-04-23
 286
هَلْ صَحِيحٌ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ إِذَا دَخَلَ بَيْتًا، أَوْ أَيَّ مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ، أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى نَفْسِهِ؟
رقم الفتوى : 13596

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5702
المقالات 3234
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 424535131
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :