الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: مكان حضانة الأولاد بعد انقضاء عدة المطلقة هو البلد الذي يقيم فيه والد المحضون، لأن للأب حق رؤية المحضون والإشراف على تربيته، وذلك لا يتأتى إلا إذا كان الحاضن يقيم في بلد الأب أو الولي.
أما مسألة السفر بالمحضون فعند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إذا كان سفر أحدهما ـ الحاضنة أو الولي ـ للنقلة والانقطاع سقطت حضانة الأم عن أولادها، وتنتقل لمن هو أولى بالحضانة، والأب هو الأولى بالمحضون، سواء كان هو المقيم أم هو المتنقل، لأن الأب في العادة هو الذي يقوم بتأديب الصغير، فإذا لم يكن الولد في بلد الأب ضاع..
وعند السادة الحنفية يبقى حق الحضانة للأم، ما دامت تسافر إلى وطنها، أو إلى البلد الذي تمَّ فيه العقد عليها والدخول بها.
ثانياً: تسقط الحضانة بزواج الحاضنة بأجنبي عن المحضون، أو بإسقاط حقها في الحضانة برضاها ـ مع العلم بأنه يجوز لها أن تعود فتطالب بهذا الحق بعد إسقاطه ـ كما تسقط حضانتها إذا أصيبت بآفة، كالجنون أو العته أو مرض مُعدٍ، أو تكون فاسقة أو مستهتَرة لا تحسن رعاية المحضون.
ثالثاً: تنتهي حضانة النساء على الذكر حين يستغني الذكر عن رعاية النساء له، فيأكل وحده، ويشرب وحده، ويلبس وحده، وقُدِّر ذلك بسبع سنين أو تسع سنين، وفي قول حتى البلوغ، أما بالنسبة للأنثى فتنتهي حضانة النساء عليها إذا بلغت تسع سنين أو إحدى عشرة سنة، وفي قول إلى أن تتزوج ويدخل زوجها بها.
وبناء على ما تقدم:
1. فإذا كان أبناؤك الذكور بلغوا من العمر سبع سنين، والإناث تسع سنين فإن حق الحضانة انتهى بالنسبة للأم في القول الراجح عندي، ومن حقّك أن تسافر بأولادك إلى بلدك الذي أنت فيه.
2. أما إذا كان بعضهم لم يبلغ العمر المذكور أعلاه، فعند جمهور الفقهاء من حقك أن تسافر بهم أيضا إلى بلد إقامتك ولا شيء عليك إن شاء الله تعالى، أما عند الحنفية فلا بد من أن يكون سفرك بهم برضا أمهم ما دامت صالحة لحضانتهم.
3. وأما إذا كانت مطلقتك -كما ذكرت- فيها سفهً أو خللً في عقلها أو أخلاقها، فعليك أن تُثبت هذا أمام القاضي بالطرق المعتادة، فإذا ثبت ذلك سقطت حضانتها عنهم، ومن حقك بعدها أن تسافر بأولادك إلى بلد إقامتك بدون حاجة إلى رضاها. هذا، والله تعالى أعلم.