الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالحضانةُ للصغيرِ واجبةٌ شرعاً، لأنَّ المحضونَ قد يَهْلَكُ أو يتضرَّرُ بتركِ الحفظِ، فيجب حفظه عن الهلاك.
والحضانة تكون للنساء والرجال من المستحقِّين لها، إلا أنَّ النساء يُقدَّمْنَ على الرجال، لأنَّهنَّ أشفق وأرفق، وبها أليَقُ، وأهدى إلى تربية الصغار، ثمَّ تُصْرَفُ إلى الرجال لأنَّهم على الحمايةِ والصيانةِ وإقامةِ مصالحِ الصغار أقدر.
وحضانة الطفلِ تكونُ للأبوينِ إذا كان النكاحُ قائماً بينهما، فإن افترقا فالحضانةُ لأُمِّ الطفلِ باتفاق الفقهاء، لما روى الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّي، قَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي).
وقد رتَّب فقهاء الحنفيَّة المستحقين للحضانة على الشكل التالي:
الأم، ثمَّ أم الأم، ثمَّ أم الأب، ثم الأخوات، ثمَّ الخالات، ثمَّ العمات، فإن لم يكن للصغير امرأةٌ من أهله تستحقُّ الحضانة، انتقلت إلى الرجال، وأولاهم بالمحضون الأبُ ثمَّ الجدُّ، ثمَّ الأخ.
وبناء على ذلك:
فحقُّ الحضانةِ لا ينتقلُ إلى الأب إلَّا إذا فَقَدَ المحضونُ امرأةً من أهله تستحقُّ الحضانة. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |
