الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: أَنْصَحُكُمْ بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ في حَيَاتِكُمُ الزَّوْجِيَّةِ، وَخَاصَّةً أَنَّ هُنَاكَ أَطْفَالاً بَيْنَكُمْ، وَتَذَكَّرُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرَاً﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلَاً وَهُوَ العَزِيزُ الغَفُورُ﴾. وَقَوْلَهُ تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئَاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
تَذَكَّرُوا أَنَّ البُيُوتَ لَا تَخْلُو مِنْ خِلَافَاتٍ وَمَشَاكِلَ، فَعَالِجُوا هَذِهِ المَشَاكِلَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، عَالِجُوهَا مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.
ثانياً: حَقُّ الحَضَانَةِ في الأَصْلِ للأَبَوَيْنِ إِذَا كَانَ النِّكَاحُ قَائِمَاً بَيْنَهُمَا، فَإِنِ افْتَرَقَا فَالحَضَانَةُ لِأُمِّ الطِّفْلِ بِالاتِّفَاقِ، روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي، وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِعَهُ عَنِّي. قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي».
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَحَضَانَةُ الأَوْلَادِ مِنْ حَقِّكِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجِي، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي». فَإِنْ تَزَوَّجْتِ سَقَطَ حَقُّكِ في الحَضَانَةِ، وَيَنْتَقِلُ هَذَا الحَقُّ إلى أُمِّكِ التي هِيَ جَدَّةُ أَوْلَادِكِ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.