الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَقَد ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ إلى أَنَّ مَكَانَ الحَضَانَةِ هُوَ المَسْكَنُ الذي يُقِيمُ فِيهِ المَحْضُونُ إِذَا كَانَتِ الحَاضِنَةُ أُمَّهُ، وَهِيَ في زَوْجِيَّةِ أَبِيهِ، أَو في عِدَّتِهِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ أَو بَائِنٍ، ذَلِكَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ مُلْزِمَةٌ بِمُتَابَعَةِ الزَّوْجِ وَالإِقَامَةِ مَعَهُ حَيْثُ يُقِيمُ.
وَالمُعْتَدَّةُ يَلْزَمُهَا البَقَاءُ في مَسْكَنِ الزَّوْجِيَّةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، سَوَاءٌ مَعَ الوَلَدِ أَو بِدُونِهِ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ﴾.
أَمَّا إِذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ الأُمِّ فَمَكَانُ الحَضَانَةِ هُوَ البَلَدُ الذي يُقِيمُ فِيهِ وَالِدُ المَحْضُونِ، أَو وَلِيُّهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَتِ الحَاضِنَةُ غَيْرَ الأُمِّ، لِأَنَّ للأَبِ حَقَّ رُؤْيَةِ المَحْضُونِ وَالإِشْرَافَ عَلَى تَرْبِيَتِهِ، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا إِذَا كَانَ الحَاضِنُ يُقِيمُ في بَلَدِ الأَبِ، أَو الوَلِيِّ.
وبناء على ذلك:
فَإِذَا سَافَرْتِ إلى بَلَدٍ آخَرَ غَيْرِ البَلَدِ الذي يُقِيمُ فِيهِ وَالِدُ الأَوْلَادِ، وَكَانَ سَفَرُكِ سَفَرَ إِقَامَةٍ وَنَقْلَةٍ، فَحَقُّ الحَضَانَةِ يَسْقُطُ في هَذِهِ الحَالَةِ، وَيَنْتَقِلُ حَقُّ الحَضَانَةِ لِأُمِّكِ إِذَا كَانَتْ مُقِيمَةً في بَلَدِ وَالِدِ الأَوْلَادِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِالحَضَانَةِ، إِلَّا إِذَا رَضِيَ بِسَفَرِ أَوْلَادِكِ مَعَكِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |