حكم بيع التقسيط

358 - حكم بيع التقسيط

02-06-2007 45 مشاهدة
 السؤال :
افْتَتَحْتُ مَحَلَّاً لِبَيْعِ الأَدَوَاتِ الكَهْرُبَائِيَّةِ نَقْداً وَبِالتَقْسِيطِ، وَلكِن يَأْتي إِليَّ أَحَدُ الُمشْتَرينَ وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ الإِعْلَانُ عَنْ السِّعْرِ نَقْداً وَبِالتَقْسِيطِ، وَآخَرُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ البَيْعُ بِالتَقْسِيْطِ لِأَنَّهُ فَائِدَةٌ، حِيْنَ يَزيْدُ عَلى الَمبْلَغِ الأَصْلِيِّ، يُرْجَى بَيَانُ هَذا الأَمْرِ بِشَكلٍ وَاضِحٍ وَمُيَسَّرٍ.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 358
 2007-06-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ أَجَازَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ بَيْعَ الشَّيْءِ في الحَالِ لِأَجَلٍ أَوْ بِالتَّقْسِيطِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ النَّقْدِيِّ إِذَا كَانَ العَقْدُ مُسْتَقِلًّا.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ في المُغْنِي: البَيْعُ بِنَسِيئَةٍ ـ لِأَجَلٍ ـ لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ اتِّفَاقًا وَلَا يُكْرَهُ.

فَإِذَا تَمَّ الاتِّفَاقُ بَيْنَ البَائِعِ وَالمُشْتَرِي عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِمِئَةِ لَيْرَةٍ مَثَلًا لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ، أَوْ تُدْفَعُ أَقْسَاطًا، مَعَ أَنَّ سِعْرَهَا النَّقْدِيَّ تِسْعِينَ لَيْرَةً مَثَلًا، جَازَ البَيْعُ، وَإِنْ ذُكِرَ في المُسَاوَمَةِ السِّعْرَانِ، سِعْرٌ للنَّقْدِ وَسِعْرٌ للتَّقْسِيطِ، ثُمَّ تَمَّ البَيْعُ في نِهَايَةِ المُسَاوَمَةِ نَقْدًا أَوْ تَقْسِيطًا.

أَمَّا لَوْ قَالَ البَائِعُ للمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمِئَةِ لَيْرَةٍ لِأَجَلٍ أَوْ تَقْسِيطًا، وَبِتِسْعِينَ لَيْرَةٍ نَقْدًا، فَقَالَ المُشْتَرِي: قَبِلْتُ، وَلَمْ يُحَدِّدْ لِأَجَلٍ أَوْ نَقْدًا فَهَذَا العَقْدُ بَاطِلٌ شَرْعًا.

وَإِذَا قَالَ البَائِعُ للمُشْتَرِي: بِعْتُكَ هَذِهِ السِّلْعَةَ بِتِسْعِينَ لَيْرَةٍ نَقْدًا، فَقَالَ المُشْتَرِي: قَبِلْتُ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ المُشْتَرِي للبَائِعِ: سَأَدْفَعُ لَكَ ثَمَنَهَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا أَوْ بِالتَّقْسِيطِ، فَقَالَ لَهُ البَائِعُ: إِذًا صَارَ سِعْرُهَا مِئَةَ لَيْرَةٍ، فَهَذَا كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَتَكُونُ شُبْهَةُ الرِّبَا وَاضِحَةً في هَذِهِ الحَالِ، لِأَنَّ العَقْدَ تَمَّ أَوَّلًا نَقْدًا.

أَمَّا إِذَا سَاوَمَهُ عَلَى سِعْرِ السِّلْعَةِ نَقْدًا أَوْ تَقْسِيطًا، ثُمَّ اتَّفَقَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّقْدِ أَوِ التَّقْسِيطِ فَلَا حَرَجَ فِيهِ شَرْعًا، وَلَيْسَ فِيهِ شُبْهَةُ رِبًا، لِأَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾. فَالرِّبَا زِيَادَةٌ مِنْ جِنْسِ مَا أَعْطَاهُ مُقَابِلَ الأَجَلِ، كَبَيْعِ /100/ كغ مِنَ الحِنْطَةِ في الحَالِ، عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا /120/ كغ بَعْدَ أَجَلٍ، أَوْ أَقْرَضَهُ أَلْفَ لَيْرَةٍ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ أَلْفًا وَمِئَةً بَعْدَ أَجَلٍ.

أَمَّا البَيْعُ: فَالمُشْتَرِي يَأْخُذُ سِلْعَةً وَيَدْفَعُ ثَمَنَهَا، وَلَمْ يُعْطِ زِيَادَةً مِنْ جِنْسِ مَا أَخَذَ.

وَالرِّبَا يَخْتَلِفُ عَنِ البَيْعِ بِالتَّقْسِيطِ كَذَلِكَ: بِأَنَّ المُرَابِيَ كُلَّمَا تَأَخَّرَ عَنْ دَفْعِ الأَقْسَاطِ زَادَ عَلَيْهِ الرِّبَا.

أَمَّا في البَيْعِ فَصَارَ السِّعْرُ مَعْلُومًا لِأَجَلٍ، وَلَوْ تَأَخَّرَ المُشْتَرِي عَنْ دَفْعِ الثَّمَنِ بِالوَعْدِ المُحَدَّدِ، أَوْ تَأَخَّرَ في دَفْعِ الأَقْسَاطِ لَا يَحِقُّ للبَائِعِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ التَّأْخِيرِ.

وَلَكِنَّنِي أَنْصَحُ البَائِعَ وَالمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ نَقْدًا وَيَشْتَرِيَ نَقْدًا، لَا لِوُجُودِ شُبْهَةِ حَرَامٍ، وَلَكِنْ لِكَثْرَةِ الخُلْفِ في الوَعْدِ مِنْ قِبَلِ المُشْتَرِي وَلِقِلَّةِ الأَمَانَةِ، وَلَكِنْ إِنْ ضَمِنَ البَائِعُ المُشْتَرِيَ وَعَرَفَهُ بِأَنَّهُ مُلْتَزِمٌ بِوُعُودِهِ وَصَاحِبُ أَمَانَةٍ، فَلَا حَرَجَ في البَيْعِ مُطْلَقًا.

وَرَحِمَ اللهُ مَنْ قَالَ: لَا تَبِعْ نَسِيئَةً وَلَا تَرُدَّ رَبْحًا. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أحكام البيوع

 السؤال :
 2019-10-15
 349
هَلْ يَجُوزُ للإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنَ البنزين وَهُوَ في مَحَطَّةِ البنزين؟
رقم الفتوى : 9980
 السؤال :
 2019-08-21
 1724
هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ شَاتَيْنِ هَزِيلَتَيْنِ بِشَاةٍ سَمِينَةٍ؟
رقم الفتوى : 9895
 السؤال :
 2019-08-21
 228
هَلْ يجُوزُ بَيْعُ الشَّاةِ بِالوَزْنِ وَهِيَ حَيَّةٌ؟
رقم الفتوى : 9894
 السؤال :
 2018-11-13
 3139
أنا بحاجة إلى مال، ولم أجد من يقرضني، فاشتريت براداً من رجل، وبعته لآخر في نفس المكان، فهل في ذلك حرج؟
رقم الفتوى : 9284
 السؤال :
 2018-11-13
 278
اشتريت سيارة بالتقسيط، وقبل استلامها قمت ببيعها لآخر بالتقسيط كذلك، ولكن بثمن أكثر، فهل هذا جائز شرعاً؟
رقم الفتوى : 9283
 السؤال :
 2018-07-01
 1634
أقرضت صديقي مبلغاً بالعملة الأجنبية، وعندما جاء وقت الوفاء قلت له: ليبق المال عندك لحين الطلب، وعندما احتجت إليه طلب منه أن يـصرفه لي بالعملة السورية، فـصرفه بسعر أقل من الواقع بحجة تأمينه المبلغ لي بسرعة، فهل من حقي أن أطالبه بالفارق؟
رقم الفتوى : 8995

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412603375
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :