الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالظِّهارُ حرامٌ شَرعاً، ولا يُعتَبَرُ طلاقاً، وهوَ كَبيرَةٌ من الكَبائِرِ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلا اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُور﴾.
ونَصَّ الفُقَهاءُ على أنَّ الظِّهارَ قد يَكونُ مُؤَقَّتاً بِوَقتٍ، وقد يَكونُ مُؤَبَّداً بِدونِ تَحديدِ وَقتٍ.
وإذا ظاهَرَ الرَّجُلُ زَوجَتَهُ فلا يَجوزُ أن يَقرَبَها حتَّى يُكَفِّرَ، وذلكَ بِتَحريرِ رَقَبَةٍ، فمن لم يَجِدْ فَصِيامُ شَهرَينِ مُتَتابِعَينِ، لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير * فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بالله وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ الله وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيم﴾.
وبناء على ذلك:
فَبِقَولِ الرَّجُلِ لِزَوجَتِهِ: أنتِ عَلَيَّ كَظَهرِ أُمِّي لِمُدَّةِ شَهرٍ صارَ مُظاهَراً من زَوجَتِهِ، فلا يَجوزُ أن يَقرَبَها خِلالَ ثَلاثينَ يَوماً، فإن عَزَمَ على قُربانِها خِلالَ الشَّهرِ وَجَبَت عَلَيهِ الكَفَّارَةُ.
وأمَّا إذا لم يَقرَبْها خِلالَ الشَّهرِ ومَضى الوَقتُ زالَ الظِّهارُ، وحَلَّت له زَوجَتُهُ بدونِ كَفَّارَةٍ، ولا يُعتَبَرُ هذا القَولُ طَلاقاً. هذا، والله تعالى أعلم.