الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: روى الإمام مسلم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ شَعَرُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ.
وروى الإمام أحمد وأبو داود عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: كَانَ شَعْرُ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دُونَ الْجَمَّةِ، وَفَوْقَ الْوَفْرَةِ. الوَفرَةُ: شَعرُ الرَّأسِ إلى شَحمَةِ الأُذُنِ؛ والجُمَّةُ: شَعرُ الرَّأسِ إذا سَقَطَ على المنكَبَينِ.
وروى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ».
ثانياً: لم يَرِدْ عن سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ جَعَلَ في تَطويلِ الشَّعرِ أَجْراً، ولا في حَلْقِهِ إثماً.
ثالثاً: النِّيَّةُ الخَالِصَةُ التي لا تَشُوبُها أيَّةُ شَائِبَةٍ، إذا دَخَلَت على الأُمورِ المُباحَةِ تَجعَلُها مُستَحَبَّةً، ويُؤجَرُ عَلَيها فَاعِلُها.
وبناء على ذلك:
فإطالَةُ الشَّعرِ للرَّجُلِ لَيسَت من السُّنَّةِ، بل هيَ أمرٌ مُباحٌ، فإذا نَوَى الرَّجُلُ في ذلكَ اتِّباعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نِيَّةً خَالِصَةً من أيَّةِ شَائِبَةٍ أصبَحَ عَمَلُهُ مُستَحَبَّاً، ويُؤجَرُ عَلَيهِ إن شاءَ اللهُ تعالى.
وأمَّا إذا قَصَدَ التَّشَبُّهَ بالنِّساءِ أو بِبَعضِ الفَاجِرينَ صَارَ فِعلُهُ حَراماً، وكذلكَ إذا نَوَى تَحسينَ صُورَتِهِ لِجَلْبِ نَظَرِ النِّساءِ إلَيهِ صَارَ فِعلُهُ حَراماً.
ولكن اليَومَ أصبَحَ بَعضُ الشَّبابِ يُطيلونَ شَعرَ رُؤوسِهِم لاستِمالَةِ قُلوبِ النِّساءِ وجَلْبِ أعيُنِهِنَّ، فالأَولَى في الشَّابِّ المُسلِمِ أن لا يُكثِرَ سَوادَ هؤلاءِ الشَّبابِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |