الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: جاءَ في السُّنَنِ الكُبرَى للبَيهَقِيِّ قَالَ أبو عُبَيدٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في حَدِيثِ الحَسَنِ في الرَّجُلِ يُجَامِعُ امرَأَتَهُ والأخرى تَسمَعُ: قَالَ: كانوا يَكرَهُونَ الوَجْسَ. والوَجْسُ: هوَ الصَّوتُ الخَفِيِّ.
ثانياً: روى ابنُ أبي شَيبَةَ في المُصَنَّفِ: سُئِلَ الحَسَنُ البَصرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى عن رَجُلٍ تَكُونُ لَهُ امرَأَتَانِ في بَيتٍ.
قال: كَانُوا ـ أي: الصَّحَابَةُ أو كِبَارُ التَّابِعِينَ ـ يَكرَهُونَ الوَجْسَ، وهوَ أن يَطَأَ إِحدَاهُمَا والأخرَى تَنظُرُ أو تَسمَعُ. ولَفْظُ الكَرَاهَةِ عِندَ المُتَقَدِّمِينَ مَعناهُ التَّحريمُ. اهـ.
ثالثاً: جاءَ في المُغني لابنِ قُدامَةَ قال: وَإِنْ رَضِيَتَا بِأَنْ يُجَامِعَ وَاحِدَةً بِحَيْثُ تَرَاهُ الْأُخْرَى، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَنَاءَةً وَسُخْفاً وَسُقُوطَ مُرُوءَةٍ، فَلَمْ يُبَحْ بِرِضَاهُمَا.
وبناء على ذلك:
فإنَّهُ يَحرُمُ على الرَّجُلِ أن يُجَامِعَ زَوجَتَهُ الثَّانِيَةَ أمامَ زَوجَتِهِ الأُولَى، لأنَّهُ يَحرُمُ على المَرأَةِ أن تَنظُرَ إلى عَورَةِ المَرأَةِ ولو كَانَت ضَرَّتَها، وكذلكَ يَحرُمُ عَلَيهِ أن يُجَامِعَها أمامَ الثَّانِيَةِ ولو كَانَ مُلتَحِفاً بِلِحَافٍ، وهذا الفِعلُ من الرَّجلِ لا يَليقُ بالإنسانِ المُسلِمِ، كما أنَّهُ لا يَليقُ به أن يَنزِلَ إلى هذا المُستَوَى، وكَيفَ يَرضَى هذا الفِعلَ وإن رَضِيَتِ الزَّوجَتانِ بِذلكَ؟! والسَّلَفُ الصَّالِحُ كَانوا يُحَرِّمونَ رَفْعَ الصَّوتِ أثناءَ الجِماعِ إذا كَانَ أحَدٌ يَسمَعُ. هذا، والله تعالى أعلم.
