الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
روى الإمام مسلم عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسَاً أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ، فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ، فَقَالَ: «لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ».
وروى أيضاً عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ جَارِيَةً مِنَ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعَرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ «فَلَعَنَ الوَاصِلَةَ وَالمُسْتَوْصِلَةَ».
وَالرُّمُوشُ الصِّنَاعِيَّةُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا هَذَا المَعْنَى، لِأَنَّ الرُّمُوشَ الطَّبِيعِيَّةَ تُوصَلُ بِالرُّمُوشِ الصِّنَاعِيَّةِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الأَطِبَّاءُ أَنَّ الرُّمُوشَ الصِّنَاعِيَّةَ تُؤْذِي العَيْنَ وَفِيهَا ضَرَرٌ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ شَرْعَاً، للحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد وابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. هذا أولاً.
ثانياً: غَسْلُ الأَهْدَابِ (الرُّمُوشِ) وَاجِبٌ أَثْنَاءَ الوُضُوءِ، لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ في حَدِّ الوَجْهِ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ رَقِيقَةً، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾. وَشَعْرُ الوَجْهِ مِنْهُ، فَيَجِبُ غَسْلُهُ.
وبناء على ذلك:
فَإِنَّ الرُّمُوشَ الصِّنَاعِيَّةَ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا، لِأَنَّهَا مِنَ الوَصْلِ المَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِذَا تَمَّ وَصْلُهَا بِالرُّمُوشِ الطَّبِيعِيَّةِ، وَكَانَتْ تَمْنَعُ وُصُولَ المَاءِ إلى الرُّمُوشِ الطَّبِيعِيَّةِ، فَالوُضُوءُ غَيْرُ صَحِيحٍ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |