الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
أولاً: رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَحَ بَابَ التَّوْبَةِ أَمَامَ جَمِيعِ العُصَاةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾.
وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» رواه الترمذي عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
ثانياً: يَجِبُ عَلَيْهِ السَّتْرُ، وَلْيَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنَ التَّشْهِيرِ وَالفَضِيحَةِ، وَلَو في الدَّائِرَةِ الضَّيِّقَةِ مِنْ أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا، وَلْيَذْكُرْ قَوْلَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمَاً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
ثالثاً: يَجِبُ عَلَيْهِ دَوَامُ النُّصْحِ وَالتَّذْكِيرِ بِاللهِ تعالى، وَتَعْلِيمُهَا الحَلَالَ وَالحَرَامَ، وَنَتَائِجَ وَخَطَرَ المُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ﴾. «الدِّينُ النَّصِيحَةُ».
رابعاً: يَجِبُ إِلْغَاءُ جَمِيعِ الوَسَائِلِ التي كَانَتْ سَبَبَاً للوُقُوعِ في تِلْكَ المَعْصِيَةِ، لِأَنَّ إِبْقَاءَهَا قَد يَكُونُ سَبَبَاً للعُوْدَةِ إلى تِلْكَ المَعْصِيَةِ.
خامساً: أَنْ يُهَدِّدَهَا بِإِخْبَارِ أَهْلِهَا إِنْ عَادَتْ إلى ذَلِكَ الأَمْرِ ثَانِيَةً.
سادساً: أَنْ يُنْكِرَ أَشَدَّ الإِنْكَارِ هَذَا الفِعْلَ، وَأَنْ لَا يَرْضَى بِمَا حَدَثَ، لِأَنَّ الذي يَرْضَى بِمِثْلِ هَذَا الفِعْلِ وَلَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ الغَيْرَةُ عَلَى أَهْلِهِ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى فَهُوَ دَيُّوثٌ، وَمُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: العَاقُّ بوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ، وَرَجِلَةُ النِّسَاءِ» رواه الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
سابعاً: إِذَا لَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يَتَحَمَّلْ هَذَا المَوْقِفَ، فَلْيَحْذَرْ مِنَ الظُّلْمِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَـسْتَحْضِرَ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾.
وَإِذَا أَرَادَ تَسْرِيحَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهَا كَامِلَ صَدَاقِهَا إِلَّا إِذَا هِيَ تَنَازَلَتْ، روى الإمام مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ: «حِسَابُكُمَا عَلَى اللهِ، أَحَدُكُمَا كَاذِبٌ، لَا سَبِيلَ لَكَ عَلَيْهَا».
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَالِي؟
قَالَ: «لَا مَالَ لَكَ، إِنْ كُنْتَ صَدَقْتَ عَلَيْهَا، فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِهَا، وَإِنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا، فَذَاكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا».
وَلَا يَجُوزُ لَهُ عَضْلُهَا حَتَّى تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَأَنْصَحُ هَذَا الزَّوْجَ بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ وَالسَّتْرِ وَالنُّصْحِ وَدَوَامِ المُرَاقَبَةِ، وَإِلْغَاءِ جَمِيعِ الأَسْبَابِ التي أَدَّتْ إلى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلْيُسَرِّحْهَا بِإِحْسَانٍ، وَلْيُعْطِهَا كَامِلَ حَقِّهَا. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |