العدل بين زوجتين

9566 - العدل بين زوجتين

22-03-2019 891 مشاهدة
 السؤال :
رجل تزوج من امرأة ثانية، ويبيت عندها أكثر مما يبيت عند الأولى، معللاً ذلك أن زوجته الثانية تخاف المبيت لوحدها بسبب عدم وجود الأنيس لها، والزوجة الأولى عندها أولادها تأنس بهم، فهل تصرف الزوج هذا صحيح؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9566
 2019-03-22

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ للرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَكْثَرَ مِنِ امْرَأَةٍ، فَقَالَ تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾.

ثُمَّ أَوْجَبَ عَلَى مَنْ عَدَّدَ العَدْلَ بَيْنَ نِسَائِهِ، لِأَنَّهُ بِالعَدْلِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَإِذَا خَافَ الرَّجُلُ مِنَ الجَوْرِ وَعَدَمِ تَحَقُّقِ العَدْلِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّعَدُّدُ خَشْيَةَ الوُقُوعِ في الظُّلْمِ، وَالظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَجَاءَ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً، فَلَا تَظَالَمُوا».

فَإِذَا خَافَ الرَّجُلُ الظُّلْمَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاحِدَةٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾. وَلِقَوْلِهِ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾.

وَقَدْ حَذَّرَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الجَوْرِ وَالظُّلْمِ، وَأَمَرَ الرَّجُلَ بِالعَدْلِ في القَسْمِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ، وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُنَّ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنَ المُعَاشَرَةِ بِالمَعْرُوفِ التي أَمَرَ اللهُ تعالى بِهَا، قَالَ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرَاً كَثِيرَاً﴾. وَلَيْسَ مَعَ عَدَمِ التَّسْوِيَةِ في القَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ مُعَاشَرَةٌ لَهُنَّ بِالمَعْرُوفِ.

روى الحاكم والترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ، فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَشِقُّهُ سَاقِطٌ».

ثانياً: يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرَاً﴾. وَسَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَزَوِّجَاً تِسْعَاً، وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَعْدِلُ في قَسْمِهِ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ غَايَةَ العَدْلِ.

روى البيهقي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ وَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ».

قَالَ القَاضِي: يَعْنِي القَلْبَ، وَهَذَا فِي العَدْلِ بَيْنَ نِسَائِهِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُطَافُ بِهِ مَحْمُولَاً فِي مَرَضِهِ عَلَى نِسَائِهِ حَتَّى حَلَلْنَهُ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ الذي تَزَوَّجَ ثَانِيَةً أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَ زَوْجَتَيْهِ في المَبِيتِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الجَوْرُ وَالظُّلْمُ، لِأَنَّ المُعَاشَرَةَ بِالمَعْرُوفِ تَقْتَضِي ذَلِكَ، وَإِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ.

وَتَبْرِيرُ أَنَّ الزَّوْجَةَ الثَّانِيَةَ لِوَحْدِهَا لَيْسَ لَهَا أَنِيسٌ لَا يُبِيحُ لَهُ الجَوْرَ وَالظُّلْمَ، فَلْيَتَّقِ اللهَ تعالى في زَوْجَتَيْهِ، إِلَّا إِذَا سَامَحَتِ الأُولَى. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
891 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب عشرة النساء

 السؤال :
 2023-12-11
 353
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟
رقم الفتوى : 12847
 السؤال :
 2023-01-17
 842
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12360
 السؤال :
 2022-10-03
 1696
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَتَزَوَّجُ زَوْجَةً ثَانِيَةً، وَزَوَاجُهُ هَذَا دَمَّرَ البَيْتَ الأَوَّلَ؟
رقم الفتوى : 12219
 السؤال :
 2022-06-20
 2109
هَلْ يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَامِلَ زَوْجَهَا بِالمِثْلِ عِنْدَمَا يُسِيءُ إِلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 12030
 السؤال :
 2022-06-16
 937
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ مِنْ سَنَوَاتٍ، وَمَا رَأَتِ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ، زَوْجُهَا سَيِّئُ الأَخْلَاقِ، لِأَتْفَهِ الأَسْبَابِ يَشْتِمُ وَيَسُبُّ وَيَضْرِبُ وَيَتَلَفَّظُ بِكَلِمَاتٍ جَارِحَةٍ؛ حَيَاتُهَا مَعَهُ جَحِيمٌ، فَهَلْ تَنْصَحُونَهَا بِطَلَبِ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12020
 السؤال :
 2022-06-16
 658
هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِلَاجُ الزَّوْجَةِ أَمْ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهَا؟
رقم الفتوى : 12019

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414086185
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :