الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد اختَلَفَ الفُقَهَاءُ في جَوَازِ مِلكِيَّةِ المَالِ الحَرَامِ بالإرثِ، إذا كَانَ الوَارِثُ يَعلَمُ أنَّ مُوَرِّثَهُ قد اكتَسَبَ مَالَهُ بِطَرِيقٍ حَرَامٍ، فَمِنهُم من أَبَاحَ مِلكِيَّتَهُ بالإرثِ، ومِنهُم من حَرَّمَهَا.
والرَّاجِحُ واللهُ تعالى أَعلَمُ أنَّ وَارِثَ المَالِ الحَرَامِ لا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ، سَوَاءٌ عَرَفَ مَالِكَهُ، أو كَانَ مَجهُولاً، لأنَّهُ لا فَرقَ بَينَ الوَارِثِ والمُوَرِّثِ في حُرمَةِ الانتِفَاعِ بالمَالِ الحَرَامِ، فَكَمَا لا يَجُوزُ للمُوَرِّثِ الذي كَسِبَ المَالَ الحَرَامَ الانتِفَاعُ بِهِ، فمن بَابِ أَولَى أنَّهُ لا يَجُوزُ لِوَارِثِهِ أَخْذُهُ، لأنَّ المَوتَ لَيسَ سَبَبَاً لإبَاحَةِ أَخْذِ المَالِ الحَرَامِ.
والقَولُ بأنَّ المُوَرِّثَ مَاتَ والوِزرُ عَلَيهِ دُونَ الوَارِثِ لا يُغَيِّرُ من حَقِيقَةِ أنَّ هذا المَالَ جَاءَ بِطَرِيقٍ مُحَرَّمٍ لا يُقِرُّهُ الشَّرعُ.
وبناء على ذلك:
فالوَاجِبُ على الوَرَثَةِ أن يَرُدُّوا المَالَ إلى صَاحِبِهِ إن كَانَ مَعلُومَاً، وإلا فَمَصرِفُهُ للفُقَرَاءِ وأَصحَابِ الحَاجَةِ، ولا يَحِلُّ لَهُم المَالُ الحَرَامُ، لأنَّ المَوتَ لا يُغَيِّرُ من حَقِيقِةِ هذا المَالِ الحَرَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |