لماذا جاء بصيغة المذكر؟

13449 - لماذا جاء بصيغة المذكر؟

11-02-2025 31 مشاهدة
 السؤال :
لِمَاذَا عِنْدَمَا يُذْكَرُ اسْمُ اللهِ تعالى، وتُذْكَرُ صِفَاتُهُ، تأْتِي بِصِيغَةِ المُذَكَّرِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 13449
 2025-02-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْلَمَ عِلْمَ اليَقِينِ أَنَّ كَلَامَ اللهِ تعالى قَدٍيمٌ وَلَيْسَ بِحَادِثٍ، وَأَمَّا كَلَامُ البَشَرِ فَحَادِثٌ، وَلَا يُمْكِنُ لِلْحَادِثِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى القَدِيمِ، بَلِ الأَمْرُ عَلَى العَكْسِ مِنْ ذَلِكَ تَمَامًا؛ هَذَا أَوَّلًا.

ثَانِيًا: الحَدِيثُ عَنِ اللهِ تعالى وَصِفَاتِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ القُرْآنِ الكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ نَصِفَ اللهَ تعالى بِشَيْءٍ إِلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ ذَاتَهُ القُدْسِيَّةَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مُنْدَرِجًا تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾.

ثَالِثًا: لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ مَوْصُوفًا بِالذُّكُورَةِ وَالأُنُوثَةِ، فَمَثَلًا المَلَائِكَةُ لَيْسُوا ذُكُورًا وَلَا إِنَاثًا، وَأَعْضَاءُ الجِسْمِ فِيهَا المُذَكَّرُ وَالمُؤَنَّثُ، بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْمِلُ عَلَاقَةَ الذَّكَرِ وَلَا عَلَاقَةَ الأُنْثَى، مِثْلُ: يَدٌ، وَفَخِذٌ، وَعَيْنٌ، وَرِجْلٌ، وَأُذُنٌ، وَمثْلُ: قَلْبٌ، وَلِسَانٌ، وَفَمٌ، وَأَنْفٌ، وَبَطْنٌ، وَظَهْرٌ، وَعَقْلٌ.

رَابِعًا: نَجِدُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ في آيَةٍ وَاحِدَةٍ جَمْعًا بَيْنَ المُذَّكَرِ وَالمُؤَنَّثِ، دُونَ النَّظَرِ إلى المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ، قَالَ تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ﴾.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَيَجِبُ الإِيمَانُ بِأَنَّ اللهَ تعالى لَا يُوصَفُ بِذُكُورَةٍ وَلَا بِأُنُوثَةٍ، وَإِنَّمَا هِيَ الضَّرُورَةُ اللُّغَوِيَّةُ في التَّعَامُلِ وَالبَيَانِ، فَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِضَمِيرِ هُوَ، جَاءَ عَلَى لُغَةِ العَرَبِ في رَدِّ الضَّمِيرِ عَلَى المَذْكُورِ سَابِقًا.

وَأَسْمَاءُ المَعَانِي لَا تُوصَفُ بِذُكُورَةٍ وَلَا أُنُوثَةٍ، وَيُذْكَرُ الضَّمِيرُ لِأَنَّهُ الأَصْلُ، وَأَمَّا التَّأْنِيثُ فَهُوَ فَرْعٌ عَنْهُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُنْثَى في المُزْدَوِجَيْنِ، إِذِ الكَوْنُ كُلُّهُ قَائِمٌ عَلَى التَّزَاوُجِ وَالثُّنَائِيَّةِ، الذُّكُورَةِ وَالأُنُوثَةِ، وَالإِيجَابِ وَالسَّلْبِ، قَالَ تعالى: ﴿وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

فَأَصْلُ لُغَاتِ العَالَمِ فِيهَا الذَّكَرُ وَالأُنْثَى، تَقُولُ لِلْمُفْرَدِ المُذَكَّرِ هُوَ، وَالمُفْرَدَةِ المُؤَنَّثَةِ هِيَ، وَكُلُّ هَذَا لَا يَنْطَبِقُ عَلَى اللهِ تعالى الخَالِقِ، فَهُوَ المُتَفَرِّدُ في كُلِّ شَيْءٍ، قَالَ تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾.

وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ العَائِدِ عَلَى اللهِ تعالى وَحَتَّى عَلَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَا يَعْنِي وَصْفَ اللهِ تعالى بِالذُّكُورَةِ ـ حَاشَاهُ تَبَارَكَ وتعالى ـ وَتَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا، فَلَيْسَ لَهُ مَثِيلٌ وَلَا شَبِيهٌ وَلَا نَظِيرٌ. هذا، والله تعالى أعلم.

31 مشاهدة
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  المسائل المتعلقة بالعقيدة

 السؤال :
 2025-03-22
 100
لَقَدْ سَمِعْتُ كَلَامًا مِنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ يَقُولُ: إِنَّ السَّيِّدَةَ آمِنَةَ أُمَّ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لَيْسَتْ فِي الجَنَّةِ، بَلْ هِيَ في ...... فَضَاقَ صَدْرِي مِنْ هَذَا الكَلَامِ، فَمَا صِحَّةُ هَذَا الكَلَامِ؟
 السؤال :
 2025-03-03
 130
مَا صِحَّةُ القَوْلِ: إِنَّ النَّارَ سَوْفَ تَفْنَى يَوْمَ القِيَامَةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 158
هَلْ هُنَاكَ دَلِيلٌ مِنَ القُرْآنِ العَظِيمِ وَالسُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، عَلَى أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هُوَ عَيْنُ تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 94
نُرِيدُ أَنْ نَعْرِفَ شَيْئًا بِاخْتِصَارٍ عَنِ الفِرْقَةِ الجَبْرِيَّةِ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 124
هَلْ بِالإِمْكَانِ الحَدِيثُ عَنِ الإِمَامِ الأَشْعَرِيِّ، وَمَاذَا قَالَ فِيهِ العُلَمَاءُ؟
 السؤال :
 2025-02-22
 388
مَا هِيَ عَقِيدَةُ الصَّحَابَةِ الكِرَامِ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ؟ وَهَلْ كَانَ بَيْنَهُمْ خِلَافٌ في صِفَاتِ اللهِ تعالى؟

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5681
المقالات 3209
المكتبة الصوتية 4880
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 422726222
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2025 
برمجة وتطوير :