الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ مَطْلُوبٌ شَرْعَاً، لِأَنَّهُ بِالعَدْلِ قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَمَنْ لَمْ يَعْدِلْ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ، جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَشِقُّهُ سَاقِطٌ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ». هذا أولاً.
ثانياً: ذَهَبَ جُمْهُورُ الفُقَهَاءِ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالمَالِكِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ إلى أَنَّهُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجَةِ أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِحَقِّ العَدْلِ في المَبِيتِ، لِأَنَّ هَذَ الحَقَّ مُتَجَدِّدٌ في كُلِّ يَوْمٍ.
وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا حَقَّهَا في المَبِيتِ، وَإِلَّا فَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُطَالِبَ زَوْجَهَا بِفَسْخِ العَقْدِ، وَتُطَالِبَهُ بِحُقُوقِهَا.
وَهُنَاكَ مِنَ الفُقَهَاءِ مَنْ خَالَفَ جُمْهُورَ الفُقَهَاءِ، وَقَالَ: إِذَا اشْتَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا يَعْدِلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ الأُولَى، وَرَضِيَتْ بِذَلِكَ بِدُونِ إِكْرَاهٍ، فَلَيْسَ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ، فَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا وَأَصَرَّتْ عَلَى المُطَالَبَةِ بِكَامِلِ حَقِّهَا مِنَ المَبِيتِ فَلَا يُلْزَمُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ، وَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ الخُلْعَ مِنْ زَوْجِهَا، وَتَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى الحُقُوقِ المَالِيَّةِ بَيْنَهُمَا.
وبناء على ذلك:
فَعِنْدَ جْمُهُورِ الفُقَهَاءِ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالعَدْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ضَرَّتِهَا ـ الزَّوْجَةِ الأُولَى ـ وَوَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا حَقَّهَا.
وَكَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ هَذَا الأَمْرِ قَبْلَ إِقْدَامِهِ عَلَى الزَّوَاجِ ثَانِيَةً، وَرَحِمَ اللهُ تعالى مَنْ قَالَ: مِنْ عَلَامَاتِ النُّجْحِ في النِّهَايَاتِ الرُّجُوعُ إلى اللهِ في البِدَايَاتِ.
وَلَا عُذْرَ لِجَاهِلٍ في الأَحْكَامِ في دِيَارِ الإِسْلَامِ.
وَهَذَا الذي أُفْتِي بِهِ، مَعَ احْتِرَامِي الشَّدِيدِ لِمَنْ قَالَ بِخِلَافِ رَأْيِ جُمْهُورِ الفُقَهَاءِ. هذا، والله تعالى أعلم.
ارسل إلى صديق |