الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فَالصِّرَاطُ الذي حَدَّثَ عَنْهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَلَغَنِي أَنَّ الجِـسْرَ (أَيْ: الصِّرَاطَ) أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ.
وكَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَلِجَهَنَّمَ جِسْرٌ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، عَلَيْهِ كَلَالِيبُ وَحَسَكٌ يَأْخُذُونَ مَنْ شَاءَ اللهُ، وَالنَّاسُ عَلَيْهِ كَالطَّرْفِ، وَكَالبَرْقِ، وَكَالرِّيحِ، وَكَأَجَاوِيدِ الخَيْلِ، وَالرِّكَابِ، وَالمَلَائِكَةُ يَقُولُونَ: رَبِّ سَلِّمْ، رَبِّ سَلِّمْ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوشٌ مُسَلَّمٌ، وَمُكَوَّرٌ فِي النَّارِ عَلَى وَجْهِهِ».
وَ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ قَالَ: الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ، فَتَمُرُّ الطَّائِفَةُ الْأُولَى كَالبَرْقِ، وَالثَّانِيَةُ كَالرِّيحِ، وَالثَّالِثَةُ كَأَجْوَدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعَةُ كَأَجْوَدِ الإِبِلِ وَالبَهَائِمِ، ثُمَّ يَمُرُّونَ وَالمَلَائِكَةُ تَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ».
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ عَالَمِ الغَيْبِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَصَوَّرَ الإِنْسَانُ حَقِيقَتَهُ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْمِنَ بِوُجُودِهِ، وَهَذَا وَصْفُ المُؤْمِنِ.
وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:
فَالصِّرَاطُ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ.
وَسَيَمُرُّ عَلَيْهِ النَّاسُ، كُلٌّ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مَالِكٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: « ........ أَلَمْ تَرَوْا إِلَى البَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ، وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِي بِهِمْ أَعْمَالُهُمْ وَنَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلَى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ، حَتَّى تَعْجِزَ أَعْمَالُ الْعِبَادِ، حَتَّى يَجِيءَ الرَّجُلُ فَلَا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلَّا زَحْفَاً».
وَفِي رِوَايَةٍ للإمام البخاري: «حَتَّى يَمُرَّ آخِرُهُمْ يُسْحَبُ سَحْبَاً».
وَأَوَّلُ مَنْ يَعْبُرُ الصِّرَاطَ هُوَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.
