الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ اسمَ الله تعالى الباطِنَ لا يُطلَقُ على الله عزَّ وجلَّ إلا على وَجهِ الاقتِرانِ بالظَّاهِرِ، وهذا ما نَجِدُهُ في القُرآنِ العَظيمِ، قال تعالى: ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم﴾.
وكذلكَ في السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، فقد كانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقولُ إذا أوى إلى فِراشِهِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ، وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ وَأَغْنِنِي مِنْ الْفَقْرِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. فاسمُ الظَّاهِرِ والباطِنِ لا يُقالا إلا مُزدَوَجَينِ.
فاسمُ الظَّاهِرِ هوَ إثباتُ عُلُوِّ الله جلَّ جَلالُهُ على خَلقِهِ، واسمُ الباطِنِ هوَ إثباتُ إحاطَتِهِ وقُربِهِ ومَعِيَّتِهِ جَلَّ جَلالُهُ لِخَلقِهِ، بِدونِ تَشبيهٍ ولا تَمثيلٍ ولا تَعطيلٍ، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير﴾.
وقالَ بَعضُ العُلَماءِ: البَاطِنُ: هوَ المُحتَجِبُ عن عُيونِ خَلقِهِ؛ وقالَ بَعضُهُم: إنَّهُ باطِنٌ من حَيثُ إن كُنْهَ حَقيقَتِهِ غَيرُ مَعلومَةٍ للخَلقِ.
وبناء على ذلك:
فاللهُ تعالى هوَ الظَّاهِرُ فَلَيسَ فَوقَهُ شَيءٌ دَليلٌ على عُلُوِّهِ تَبارَكَ وتعالى، وهوَ البَاطِنُ فَلَيسَ دَونَهُ شَيءٌ دَليلٌ على قُربِهِ، قال تعالى: ﴿وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد﴾. بلا تَشبيهٍ ولا تَمثيلٍ ولا تَعطيلٍ ولا تَأويلٍ، لأنَّهُ القَائِلُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِير﴾. هذا، والله تعالى أعلم.
