حسنت أخلاقنا فساءت أخلاقهن

9407 - حسنت أخلاقنا فساءت أخلاقهن

22-01-2019 1085 مشاهدة
 السؤال :
لقد أوصانا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بالنساء خيراً، ولكن المشاهد عندما حسنت أخلاقنا معهن ساءت أخلاقهن معنا، فما هو الحل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9407
 2019-01-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: تَذَكَّرْ تَوْصِيفَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للنِّسَاءِ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ إِلَى المُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ».

فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ العَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ».

قُلْنَ: وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: «أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟».

قُلْنَ: بَلَى.

قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟».

قُلْنَ: بَلَى.

قَالَ: «فَذَلِكِ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا».

وَهَذَا تَوْصِيفٌ وَلَيْسَ تَنْقِيصَاً.

وَيَقُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْنَ».

قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟

قَالَ: «يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئَاً، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرَاً قَطُّ» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَهَذَا مِنْ طَبِيعَةِ المَرْأَةِ، وَخَاصَّةً في سَاعَةِ الغَضَبِ.

ثانياً: لَقَدْ دَعَانَا رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ إلى الأَخْلَاقِ الحَسَنَةِ، فَقَالَ تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلَاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. وَقَالَ تعالى: ﴿وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ﴾.

وَرَغَّبَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِحُسْنِ الأَخْلَاقِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسَاً يَوْمَ القِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقَاً» رواه الترمذي عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

ثالثاً: كُلٌّ مِنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ مُكَلَّفٌ، وَهُوَ مَسؤُولٌ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تعالى عَمَّا كَلَّفَهُ بِهِ ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ﴾. تَشْمَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ.

فَإِنْ عَصَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ رَبَّهُ في الطَّرَفِ الثَّانِي، فَلَا يَلِيقُ بِالطَّرَفِ الأَوَّلِ أَنْ يَعْصِيَ اللهَ تعالى.

فَإِذَا سَاءَ خُلُقُ الزَّوْجَةِ، وَقَابَلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بِذَلِكَ، فَمَتَى تَنْتَهِي الإِسَاءَاتُ في بُيُوتِ المُسْلِمِينَ؟

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَإِنْ حَسَّنْتَ أَخْلَاقَكَ مَعَ زَوْجَتِكَ وَسَاءَ خُلُقُهَا مَعَكَ فَاصْبِرْ، وَعَالِجْهَا بِحُسْنِ الأَخْلَاقِ، وَيَكْفِيكَ شَرَفَاً أَنْ تَكُونَ قَرِيبَاً مِنْ مَجْلِسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَيَكْفِيكَ أَنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى ذَلِكَ فَلَا تَسْتَطِيعُ الزَّوْجَةُ أَنْ تَذْكُرَكَ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَرُبَّمَا يَحْتَرِقُ قَلْبُهَا عَلَى فِرَاقِكَ.

أَمَّا إذَا سَاءَتْ أَخْلَاقُكَ وَحَسُنَتْ أَخْلَاقُهَا، كَانَتْ هِيَ القَرِيبَةَ مِنْ مَجْلِسِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا مِتَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهَا رُبَّمَا لَا تَتَرَحَّمُ عَلَيْكَ، بَلْ قَدْ تَرَى مَوْتَكَ رَاحَةً لَهَا، وَشَتَّانَ بَيْنَ مَيْتٍ مُسْتَرِيحٍ، وَمَيْتٍ مُسْتَرَاحٍ مِنْهُ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، أَنْصَحُ كُلَّاً مِنَ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَتَنَافَسَا عَلَى حُسْنِ الأَخْلَاقِ، طَمَعَاً بِالقُرْبِ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

كَمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَذَكَّرَا أَصْلَ عَقْدِ الزَّوَاجِ بَيْنَهُمَا، أَنَّهُ كَانَ عَلَى أَسَاسٍ مِنَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

أَيُّهَا الأَزْوَاجُ: لَا تَنْظُرُوا إلى الحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ أَنَّهَا حَلْبَةُ مُلَاكَمَةٍ وَمُصَارَعَةٍ، مَنْ الذي سَـيَصْرَعُ الآخَرَ، بَلِ انْظُرُوا إِلَيْهَا مِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالـصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَيَا مَنْ حَسُنَتْ أَخْلَاقُهُ وَسَاءَتْ أَخْلَاقُ زَوْجَتِهِ، أَقُولُ لَكَ: اصْبِرْ، وَأَنْتَ تَعِيشُ عَلَى أَمَلِ تَحَقُّقِ الوَعْدِ الإِلَهِيِّ الذي لَا يُخْلَفُ إِذْ يَقُولُ: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾. هَذَا إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ عَدُوِّكَ، فَكَيْفَ يَكُونُ الحَالُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ اللهُ تعالى في حَقِّهِ: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.

تَذَكَّرْ أَيُّهَا الزَّوْجُ، وَتَذَكَّرِي أَيَّتُهَا الزَّوْجَةُ: ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾.

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَرْزُقَنَا أَحْسَنَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَرْزُقُ أَحْسَنَهَا إِلَّا هُوَ، وَأَنْ يَصْرِفَ عَنَّا سَيِّىءَ الأَخْلَاقِ وَالأَعْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلَّا هُوَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1085 مشاهدة
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  باب عشرة النساء

 السؤال :
 2023-12-11
 361
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُمَا ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟
رقم الفتوى : 12847
 السؤال :
 2023-01-17
 845
رَجُلٌ يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، وَلَكِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْهُمْ وَهَاجِرٌ لَهُمْ، وَتَطْلُبُ الزَّوْجَةُ مِنْهُ أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَيْنَ الحِينِ وَالآخَرِ، أَو يَأْخُذَهُمْ لِعِنْدِهِ، فَيَرْفُضُ، فَهَلْ مِنْ حَقِّهَا طَلَبُ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12360
 السؤال :
 2022-10-03
 1703
مَا حُكْمُ الرَّجُلِ الذي يَتَزَوَّجُ زَوْجَةً ثَانِيَةً، وَزَوَاجُهُ هَذَا دَمَّرَ البَيْتَ الأَوَّلَ؟
رقم الفتوى : 12219
 السؤال :
 2022-06-20
 2116
هَلْ يَجُوزُ للمَرْأَةِ أَنْ تُعَامِلَ زَوْجَهَا بِالمِثْلِ عِنْدَمَا يُسِيءُ إِلَيْهَا؟
رقم الفتوى : 12030
 السؤال :
 2022-06-16
 939
امْرَأَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ مِنْ سَنَوَاتٍ، وَمَا رَأَتِ السَّعَادَةَ في حَيَاتِهَا الزَّوْجِيَّةِ، زَوْجُهَا سَيِّئُ الأَخْلَاقِ، لِأَتْفَهِ الأَسْبَابِ يَشْتِمُ وَيَسُبُّ وَيَضْرِبُ وَيَتَلَفَّظُ بِكَلِمَاتٍ جَارِحَةٍ؛ حَيَاتُهَا مَعَهُ جَحِيمٌ، فَهَلْ تَنْصَحُونَهَا بِطَلَبِ الطَّلَاقِ؟
رقم الفتوى : 12020
 السؤال :
 2022-06-16
 662
هَلْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ عِلَاجُ الزَّوْجَةِ أَمْ يَكُونُ عَلَى أَهْلِهَا؟
رقم الفتوى : 12019

الفهرس الموضوعي

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3161
المكتبة الصوتية 4797
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 414268688
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :